أمرين عد منتقلًا، وهو مقتضى مسائل آخر خيارها، وقوله: يلزمه منع مستحق جارية ... إلى آخره، يرد بأن احتمال موجب القيمة المانع بيعها مطلقًا، أو الموجب وقفه على معرفتها إنما هو احتمال موجب القيمة المانع تعلق البيع بها كهلاك الجارية يوجب قيمتها ويمنع تعلق البيع بها لامتناع تعليقه بمعدوم فصارت به كالآبق، وموجب القيمة في مسألة مستحق ما باعه الغاصب، إنما هو ما ينزل بها بعد بيعها أو قبله، مما لا يمنعه ضرورة ثبوت تعلق البيع به، وسمع يحيى ابن القاسم في الشهادات كعيسى.
ابن رُشْد: روي زياد لا يجوز شراء غاصب ما غصبه حتى يرده إلى ربه، ويخرج منه، وقاله المدنيون، وتحصيل شرائه ما غصبه وهو بيده إن علم منعه ربه إن لم يبعه فسد، وإن علم رده له إن لم يبعه جاز اتفاقًا فيهما، وإلا فقولان لسماع عيسى ابن القاسم مع سماعه يحيى، وظاهر صرفها وغصبها ونقل ابن حبيب عن مُطَرَّف وابن القاسم وأَصْبَغ ورواية زياد، وحمل بعضهم سماع يحيى عليه بعيد، وبه حكم ابن بشير في أرحى لم يبح للسلطان شراؤه حتى صحت لصاحبها ستة أشهر، وللشعبي رأيت لبعض أصحابنا، اتفق مالك وأصحابه على جواز شراء الغاصب ما غصبه.
قُلتُ: لعله يريد لزوم عقده له دون بائعه، وبيعه ربه وهو بيد الغاصب من غيره، والغاصب لا يأخذه حكم فاسد إجماعًا، وإن كان يأخذه الحكم فإن كان حاضرًا مقرا بالغصب جاز البيع، وإن أنكره فقولان لغير ابن القاسم فيها والمشهور؛ لأنه بيع ما فيه خصومة، وفيه قولان قائمان منها، وإن كان غائبًا فثالثها إن كان على غصبه بينة، وقيل إنما الخلاف إن كانت بينة، وإلا فالمنع اتفاقًا. وفي نوازل ابن الحاج كان أبو جعفر بن زرقون يقول: بيع المغصوب عقارًا أو غيره وهو بيد غاصبه جائز لا قيام لبائعه فيه، ويحتج بمسألة الجارية، وقول غصبها إن باع جارية غاصبها ثم اشتراها من ربها صحت البيعتان، ولابن حدير عن أحمد بن خالد: لا يجوز بيع المغصوب وهو أشد من بيع فاسد يفسخ أبدًا ولو فات.
ابن رُشْد في نوازله: يفيت البيع الفاسد، نص عليه ابن حبيب، وهو مذهب مالك وكل أصحابه، وقول أحمد بن خالد خارج عنه، والقول به على مذهب مالك خطأ ظاهر، لا فرق بينه وبين بيع الآبق.