قُلتُ: حاصله أنه زعم أالمماثلة التي لا يضر فيها كون أحد المثلين يختص بأمر دون مماثله، إنما هي في المثلين اللذين هما نوعان تحت جنس أو صنفان تحت نوع كاللحمين أحدهما يابس والآخر رطب، أو كالرطب والتمر والسمن والزبد مع اللبن ليسا كذلك؛ لأنهما جزآن من اللبن الذي لم يخرج زبده.
واستدل على أن الرطب والتمر نوعان بتضادهما، وعلى أن اللبن المخرج زبده مع السمن أو الزبد لا يصح كونهما نوعين ولا صنفين بعدم تضادهما؛ لأنهما جزآن من اللبن الذي لم يخرج زبده، والجزآن من كل يجتمعان فلا تضاد بينهما. أما زعمه أن المنع إنما هو في النوعين أو الصنفين فمردود بأن منع المزابنة في الربوي وغيره إنما هي في النوع الواحد، ويقع في عباراتهم الجنس والصنف بدل النوع، والمعتبر في منع المزابنة كونها فيما كان المقصود منه في المنفعة، واحدًا أو متقاربًا سمي نوعًا أو جنسًا أو صنفًا لا فيما تباين ذلك فيه أو تباعد، كما هو ظاهر شرطه المنع بكةنه بين نوعين متضادين فتأمله، وأما زعمه أن اللبن مع السمن أو الزبد ليسا بنوعين لعدم تضادهما؛ لأنهما جزآن إلخ فوهم؛ لأن التضاد المعتبر بين النوعين إنما هو في الصادقية على موضوع واحد، وهو حاصل في اللبن المخرج زبده مع السمن، والزبد، والاجتماع الكائن بينهما إنما هو في الوجود الحسي وهو غير مانع من التضاد المذكور فهما نوعان أو صنفان أقرب مشترك بينهما المخرج من اللبن الحليب.
وقوله: حيث منع شيء من هذا إنما منع للمزابنة التي تكون في الربوي وغيره لا لكونه ربويًا غير صحيح؛ لأن المزابنة التي تكون في الربوي وغيره إذا تبين الفضل ألغيت، والمزابنة في الرطب والتمر واللبن والسمن والزبد معتبرة ولو بان الفضل بينهما، أما في الرطب والتمر فواضح، وأما في اللبن المضروب مع الزبد والسمن فكذلك؛ لأن اللبن مع أحدهما إن كانا جنسين فلا مزابنة؛ لأنها إنما تعتبر في الجنس الواحد، وإن كانا جنسًا واحدًا كان اللبن ربويًا؛ لأنه من جنس الزبد، أو السمن حينئذ، وما هو من جنس الربوي ربوي، وتوهيم ابن الحاجب ابن بشير بما ذكر من لفظها بين، ويجاب بأن مراده بالصنعة مجموع المخض وما بعده، لا ما بعده فقط، وتوهيمه اللخمي وهم.