على قول أبي الفرج القائل يبدأ البائع باليمين ويسلم الشعير، وعلى القول إنما يبدأ باليمين ليسقط دعوى المسلم في القمح، ويحلف الآخر لئلا يؤخذ بقبض الشعير إن نكلا فكل واحد على ما بدأ به وحلف.
قلت: نقله عن أبي الفرج يبدأ البائع باليمين ويسلم الشعير مشكل؛ لأنه يقتضي قبول قوله على خصمه، ونصوص المذهب خلافه، ولو سلم فلا يتصور حينئذ تحالف فلا تناكل، والفرض ثبوته فتأمله وتقرير بسطه أن الذي نقله غير واحد من رواية ابن حبيب؛ إنما هي في نكولهما في التحالف الذي حلف أحدهما فيه لا يثبت دعواه إنما يوجب حلف خصمه لا في نكولهما في الحلف الذي حلف أحدهما فيه يثبت دعواه فإن أراد بالإجراء على قول أبي الفرج التحالف الأول وهو مقتضى قوله بعد هذا حيث تكلم على هذا النوع من التحالف ما نصه تقدم الخلاف، إذا نكلا هل يفسخ أو يكون القول قول من بدأ لزم ما قلناه من أنه يقتضي قبول قول البائع على خصمه ونصوص المذهب خلافه؛ وإن أراد به التحالف الثاني فهذا لا تنفرد به رواية ابن حبيب، ولا تختص بالإجراء على قول أبي الفرج لموافقتها حينئذ أصل المذهب وفروعه فبان أن قوله مشكل ولذا والله أعلم لم ينقله المازري، ولم يتعرض المازري لنقل هذا من كلام اللخمي، ثم قال اللخمي بعد قوله هذا: تقدم الخلاف إن نكلا هل يفسخ أو يكون القول قول البائع؟ والأول أحسن؛ لأن كل يمين بدأ بها حالف فنكل عنها ثم ردت فنكل عنها من ردت عليه فإن الحكم يعود لما يجب إن لو حلف المبدأ، والحكم لو حلف البائع بقاء سلته بيده لا ثبوت دعواه على المبتاع، ولو كانت تبدئته ليستحق دعواه لم يحلف المشتري بعد يمينه.
المازري: وما حكيناه من رواية ابن حبيب قبول قول البائع، قيل: مراده قبول قوله فيما ادعاه من الثمن دون حلف أو لا يأخذه إلا بعد حلفه الذي يشير إليه أشياخنا أجمعون أنه دون يمين، وقال الباجي: لابد من يمينه جنوحاً منه إلى ما رددنا به ما حكاه ابن حبيب.
قلت: هو ما رجح بن اللخمي القول بالفسخ وبه وجه ابن رشد قول الباجي معبراً عنه ببعض أهل العلم.