قلت: وأطال المازري وذكر ما حاصله أن قول الباجي بناء على أن حلف كل منهما إنما يكون على نفي دعوى خصمه فقط أو على أنه إن زاد فيها صحة دعواه لم يحكم لتلك الزيادة بحكم ما زيدت عليه في إلزام مقتضى حكمها خصمه بناء على اعتبار عدم وجوبها على الحالف، وكونه متطوعاً بها قال: وأقوال أهل المذهب تقتضي أن حكم الزيادة حكم ما زيدت عليه حرصاً على تقليل الأيمان.
قلت: وهو ظاهر ألفاظ المدونة في صفة أيمانهما.
وفيها: اختلاف اللخمي: اختلف هل يحلف كل منهما على إثبات دعواه أو على تكذيب دعوى صاحبه؟ وأرى أن كلاً منهما مخير في ذلك إن حلف البائع أنه لم يبع إلا بمائة استحقها بنكول المشتري دون حلفه ثانية، وإن حلف أنه لم يبع بخمسين فإن نكل المشتري حلف يميناً أخرى أنه ما باع بمائة واستحقها، وكذا المشتري.
وفرق المازري بين قبول حلفه على الزيادة رجاء نكول خصمه قبل وجوبها وبين عدم قبول حلف مدع على دعواه قبل نكول المدعى عليه، بأن البائع استوجب الحلف من حيث كونه مدعى عليه، فانسحب حكم اعتداده بحلفه على الزيادة فاعتد بها حرصاً على تقليل الحلف والمدعي لم يجب له شيء فينسحب.
قلت: وهذا المعنى ساقط في الزيادة في حلف الثاني بعد حلف الأول واجب بذاته فيها بعد نكول الأول حسبما قاله ابن رشد في المقدمات في كتاب الأكرية.
قال المازري: ما ذكره اللخمي من الحلف هل يحلف على النفي أو عليه مع الإثبات لا أحفظ نص أحدِ من أصحابنا عليه، وعند الشافعية فيه خلاف.
قال: وحلفه على الزيادة للوجه الذي قررناه وهو كقول أهل المذهب في حلف المرتهن على كل ما ادعاه من مَنْ قدر دينه الذي الرهن به رهن، وإن كانت قيمة الرهن أقل مما ادعاه المرتهن، وأكثر مما أقر به الراهن لرجاء نكول الراهن عن الحلف على نفي الزائد على قيمة الرهن.
قلت: فيلزم مثله فيمن ادعى على رجل قدراً من الدين أقام شاهداً ببعضه واقتصار ابن رشد في المقدمات في صفة حلف البائع على أنه مخير في حلفه على الزيادة قال بخلاف حلف المبتاع بعد البيع ويعضد قول المازري فيما نقله اللخمي لا أحفظه.