للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلافًا، وسمع عيسى ابن القاسم: من وكلت رجلًا على خصومة في قرية، وأنها فوضت إليه وأمره جائز فيما يصنع ولم تذكر بيعًا ولا غير ذلك، فباع القرية بعد أن صالح فيها وصارت للمرأة لا يلزمها بيعه.

ابن رشد: الأصل أن الوكيل لا يتعدى ما سمى له فيما وكل عليه، وإنما أجاز في هذا السماع للوكيل على الخصومة صلحه فيها لقول موكله: فوضت إليه في الخصومة وجعلت أمره جائزًا فيما يصنع فيها، فليس بخلافٍ لقول أصبغ: ليس للوكيل على الخصومة صلح، ولا بخلاف لقول عيسى في نوازله: من وكله على تقاضي ديونه وفوض إليه النظر فيها لا يجوز للوكيل صلحه عنه في شيء منها ولو كان نظرا؛ لأن تفويضه النظر في اقتضاء ديونه لا يقتضي مصالحته لإمكان إعادته لتعجيل ما يقتضي النظر تعجيله، وتأخير ما يقتضي النظر تأخيره.

وقال بعض الناس: إن قول ابن القاسم هذا خلاف قول عيسى وليس بصحيح، وقولنا: إن سمى في الوكالة شيئًا لا يتعداه، وإن نص على التفويض له في الوكالة؛ لأن ذلك يعود إلى ما سمى هو، بين من قول أصبغ في نوازله.

قلت: ولم يحك خلافًا في عدم شمول وكالة الخصام صحة إقرار الوكيل على موكله.

وقال المتيطي: قال أبو عمر في كافيه: اختلف قول مالك في قبول إقرار الوكيل بالخصومة عند القاضي على موكله فمرة أجازوه ومرة أباه، وقال: لا يلزم موكله ما أقر به عليه.

قلت: وكذا وجدته في كافيه.

المازري: لو قال لوكيل: أقر عني لفلان بألف درهم ففي الإقرار من الآمر وجهان للشافعية، والظاهر أن ما نطق به الوكيل كالنطق من الموكل لقوله: أقر عني، فأضاف قول الوكيل لنفسه، وقد قال أصبغ: من وكل رجلًا وجعله في الإقرار عنه كنفسه فما أقر في الوكيل يلزم موكله، وظاهره أنه يقول بذلك في أقر عني، وقول ابن عبد السلام: ليس فيما ذكره من قول أصبغ كبير شاهد يرد بأنه محض دعوى غير مقرونة بدليل في مقابلة مستدل عليه، واستشهاد المازري واضح أنه لا فرق بين أمر الموكل

<<  <  ج: ص:  >  >>