بطعام، ولا يجوز فيما شرط صحة عقده التناجز عقده على خيار.
والجواب عنه أنه: إن علم مشتري الطعام بطعام من الوكيل تعديه، وعقده على أن مالكه بالخيار في إمضائه ورده كان فاسدًا، وإن لم يعلم تعديه واعتقد أنه عقدٌ جائزٌ لازمٌ جرى على القولين المشهورين في هذا الأصل.
ابن القاسم: يمنعه، وأشهب: يجيزه.
قلت: في قوله هذا نظر؛ لأنه عدل عن ذكر القولين المنصوصين للخمي عنهما إلى ذكر عكسهما تخريجًا، ولا يتقرر بما أتى به جوابًا عن التعقب المذكور جوابٌ بوجه بل تأكيدًا للتعقب؛ لأن حاصل ما أتى به جوابًا أن الحكم في المسألة الفساد اتفاقًا، فإن علم المشتري موجب الخيار، والفساد على أصل ابن القاسم الذي لفظ مسألة المدونة له فجعله الفساد جوابًا عن تعقب قولها بالجواز خلف فتأمله، ثم قال: وأشار بعضهم إلى حملها على وجه يغني عن هذا الاعتذار وإجرائها على الخلاف، فقال: معنى صورة تعديه أنه باع الطعام بعرض، وباع العرض بطعام لا أنه باع الطعام بطعام.
قلت: ما عزاه لبعضهم هو قول ابن محرزٍ.
وقال عياض: إلى حمل المسألة عن ظاهرها وأنه باع طعامًا بطعام نحى كثير من شيوخ القرويين.
قلت: وقال ابن الحاجب: فإن خالف فالخيار للموكل إلا أن يكون ربويًا، فقبله ابن هارون وابن عبد السلام، ولا ينبغي قبوله؛ لأن ظاهره أن يكون للموكل أيضًا فعله تعديًا مطلقًا في غير بيع الطعام بطعام وليس كذلك، ويجب تقييده بعدم إيجابه فسخ دين في دين كقولها: وإن دفعت إليه دراهم يسلمها لك في ثوب هروي، فأسلمها في بساط شعرٍ أو في طعام أو في غير ما أمرته به، أو زاد في الثمن ما لا يزاد في مثله، فليس لك أن تجيز فعله، وتطلب ما أسلم فيه وتدفع له ما زاده؛ لأن الدراهم لما تعدي عليها وجبت عليه دينًا، ففسخها فيما لا تتعجله، وذلك دين بدين، ويدخل في الطعام مع ذلك بيعه قبل قبضه لا شك فيه؛ لأن الطعام قد وجب للمأمور بالتعدي، فليس له بيعه قبل قبضه، وكان بعضهم يتعقب قوله: وجب للمأمور بالتعدي؛ لأنه إنما اتباعه للآمر لا لنفسه.