فقوله: يدخله بيع الطعام قبل قبضه لا شك فيه، فيه شك.
ويجاب بأن عقد اشترائه لازم، ولزومه يوجب مشتريًا له لازمًا له عقده، والآمر لا يلزمه لعدم أمره به، فتعين كونه المأمور، وإذا لزم العقد المأمور فقد وجب له ما عقد عليه، فإذا زاد في ثمن ما أمر ببيعه بثمن، أو نقص من ثمن ما أمر بشرائه بثمن لم يتعد.
في ثاني سلمها: من أبضع مع رجل أربعين دينارًا في شراء جارية وصفها له، فاشتراها بأقل لزمت الآمر، وضمنها إن ماتت قبل قبضة إياها، ولم يحك المازري ولا غيره فيما علمت فيه خلافًا.
وقال ابن بشير: إن خالف بزيادة، كقوله: بع بعشرةٍ فباع باثني عشرة، أو بع بالدين بعشرة فباع بذلك نقدًا فقولان مبنيان على الخلاف في شرط ما لا يفيد هل يوفى به أم لا؟ وهذا كما قال: والأظهر إن كان ذلك في بيع ما فيه شفعة أن يكون للآمر مقال لجواز تعلق قصده بشركة الشفيع دون غيره، ويسير الزيادة في الثمن كمأذون فيها، أو زاد على أربعين دينارًا دينارين، أو ما أشبه أن يزاد على مثل الثمن، لزم الامر وضمن المشتري إن هلك قبل قبضه، وغرم الزيادة للمأمور.
المازري: واليسير في المائة الديناران والثلاثة.
التونسي: لا تكون الزيادة في قليل الثمن محصورةً على هذا الحساب، إنما ينظر إلى ما يزاد مثله عادةً، قد يكثر ما يزاد لقلة ثمن المبيع فيكون أكثر من هذا التقدير، ويستسهل ليسارته ولا يجب على الوكيل أن يزيده ذلك، إنما هذا إن زاده لزم الموكل، ولو اشترى السلعة لنفسه لما لم يبعها ربها بالمسمى كانت له إذا قلنا إنه لا يلزمه أن يسلف من وكله ويصير كأنه غير واجدٍ، فما اشترى بالمال شيئًا لنفسه فكان كوديعة اشترى بها شيئًا لنفسه.
قلت: الظاهر أنه لو كان بيد المأمور للآمر ما يدفع منه الزيادة لزمه الشراء بها، فلا يتم له شراءها لنفسه، وكذا إن كان المأمور مالكًا لقدر الزيادة غير محتاج إليها؛ لأن قبوله التوكيل على شرائها التزام منه للوازم شرائها، ويؤيده قول أصبغ في سماعه.
أشهب: من أمر بشراء سلعة بخمسة عشر فاشتراها بستة عشر، وقال: أبي البائع بيعها بخمسة عشر فاشتريتها لنفسي بستة عشر قبل قوله وكانت له.