وقال ابن عبد السلام: إن أراد ابن الحاجب أن ذلك في مرض المقر به أو بعد موته بذلك ظاهرٌ لقوة التهمة، وإن كان في صحته فهي تهمة ضعيفة، وتقدم شيء من هذا في اللعان.
قال: ومفهوم كلامه إن لم يكن له مال قبل، وفي معناه المال القليل.
وهذا منه قبول لقول ابن الحاجب لم يرثه، فإن كان حمله على استلحاق الوالد الولد لزمه من الوهم ما لزم ابن هارون، وإن حمله على الإقرار بوارث وهو ظاهر قوله؛ لأن من لا وارث له معروف؛ اختلف أهل المذهب هل يقبل إقراره لرجل بأنه وارثه أم لا؟ فهو بعيد من لفظ ابن الحابج جدا؛ لأن مسألة الإقرار بوارث إنما اعتبروا فيها المال من حيث كونه للمقر لا من حيث كونه للمقر له، وابن الحاجب إنما ذكره من حيث كونه للمقر له.
والحق أن ظاهر كلام ابن الحاجب في هذه المسألة وهم، وأما ابن شاس فصرح بكونها مسألة الإقرار بوارث المشهورة في المذهب في كتب فقهه وفرائضه، وإيجاز تحصيلها أن إقرار من يعرف له وارث يحيط بإرثه ولو بولاء بوارث لغو اتفاقًا، وإن لم يكن له وارث أو كان ولم يحط كذي بنت فقط ففي إعمال إقراره قولان، لابن القاسم في سماعه من كتاب الاستلحاق مع ابن رُشْد عن قوله فيها مع غيرها، وسَحنون في نوازله والباجي عند جمهور أصحاب مالك ومالك وأَصْبَغ، وأول قولي سَحنون وثانيهما مع أشهب.
والمعتبر في ثبوت الوارث وعدمه إنما هو يوم موت المقر لا يوم الإقرار قاله أَصْبَغ في نوازله، ولم يحك ابن رُشْد غيره، وبالأول أفتى ابن عتاب مستدلًا بقول ابن القاسم في التعبيَّة.
قال ابن سهل: وسئل أيضًا عن مسألة من هذا النوع فأفتى مذهب ابن القاسم أن من أقر أن فلانًا ابن عمه لا يثبت نسبه بهذا الإقرار، وإنما له المال بعد الثاني إن لم يأت له طالب.