قال: ولابن حبيب عن ابن الماجِشُون وأَصْبَغ: من أقر في مرضه أن فلانًا أخوه وفلانًا مولاه ميراثه لمولاه دون أخيه فغلبا الإقرار بالولاء على الإقرار بالنسب؛ لأن الإقرار بالولاء حق من الحقوق أقر به، والإقرار بالأخ استلحاق ولا يكون إلا في الولد فقط، وقول أشهب أنه لا يستحق الإرث إلا من يستحق النسب، وبهذا قال ابن لبابة، وهو القياس إلا أن العمل جرى على قول ابن القاسم.
وقال المتيطي في قول ابن القاسم: هو شاذ واستحبه بعض القرويين في زمانه، قائلًا ليس ثم بيت مال.
قُلتُ: نقل المتيطي هو نقل الصقلي في كتاب الفرائض معبرًا بقوله: قال شيخنا عتيق - إلى قوله -: وقال: أنكر أنا نستحب في زماننا هذا أن المقر له أولى من بيت المال.
قُلتُ: فهو قول ثالث في المسألة، وما عزاه ابن رُشْد لابن القاسم في المدَوَّنة مثل قوله في سماع عيسى لا أعرفه فيها بحال، ولذا لم عزه ابن سهل للمدَوَّنة وإنما فيها مسألة الإقرار بالولاء، وقد فرق ابن الماجِشُون وأَصْبَغ بينهما، وعلل ذلك ابن سهل بأن الإقرار بالولاء أقوى؛ لكن في نوازل أَصْبَغ: من أقر بأخ ثم بولاء لرجل ثم مات أو أقر بأخ ثم ثبت الولاء ببينة فالنسب أولى بكل حال كان هو الأول أو الثاني.
ابن رُشْد: قوله النسب أولى بكل حال لا يعود على مسألة ثبوت الولاء ببينة، إذ لا خلاف أنه لا يجوز الإقرار بهما فرأى النسب أولى ولو تأخر؛ ومعناه عندي: إن قال فلان مولاي ولم يقل أعتقني؛ لأنه إن قال: أعتقني ثبت له الولاء والمال، وإن لم يقل أعتقني ثبت له المال دون الولاء قاله سَحنون، فهاهنا يقدم الإقرار بالنسب على الولاء ولو تأخر النسب، وعلى هذا لو قال: فلان أخي وفلان ابن عمي كان الأخ أولى بالميراث ولو تأخر؛ لأن الإقرار بهما كقيام البينة بهما، ورأى ابن الماجِشُون أن الإقرار بالولاء أولى من الإقرار بالنسب، ظاهره وإن لم يقل أعتقني وسنزيد المسألة بينانًا في نوازل سَحنون من كتاب الولاء.