قال محمد: والأول قولها وهو قول مالك وكل أصحابه، وذكر سَحنون في العتبيَّة هذا القول الذي أنكره محمد.
وقال سَحنون: يأخذ المقر به نصف السدس ويوقف نصفه حتى يقر به الآخر فيقاسمه ما في يده، وأخطأ من قال: يعطى نصف السدس للمنكر.
قلت: تقدم لنا في اختصار الحوفية: أن في كون نصف ما بيد الأم للمقر به أو بينه وبين الأخ الثابت نصفين، ثالثها: يوقف نصف الثابت، فإن صدق الأم تحمل على تصديقه، ورابعها: يوقف على إقرارها، فإن صدقها عمل عليه، وإن كذبها فالسدس للمقربه، وإن شك كان بين الأخوين، هل نقل الحوفي.
وعزا ابن رُشْد الأول للفراض ومالك وجماعة من أصحابه قال: وهو أظهر الأقوال واختيار محمد، والثاني لأصبغ، والثالث لسحنون، ولم يحفظ الرابع، قال: وقول سَحنون أضعف الأقوال؛ لأنه إن كان لا يأخذ نصف السدس إلا أن يعطى أكثر منه فلا معنى لتوقيفه.
قال محمد: وكذا المرأة يطلقها زوجها بعد إرخاء الستر ويقر بوطئها وتنكر ذلك، ليس لها إلا نصف المهر؛ لأنها تدفع النصف الآخر عن نفسها.
قال ابن رُشْد: ولا يشبه مسألة الصداق؛ لأن المرأة أنكرت ما أقر لها به فوجب أن يكون لمن رجع منهما أولاً لتصديق صاحبه على قول سَحنون في هذه المسألة أنه يقال للمرأة إن أقررت بالوطء فخذي وإلا لم يكن لك إلا نصف المهر، وقوله هذا يبين قوله في إرخاء الستور؛ لأن له في الرهن مثله، وهو قول أشهب في إرخاء الستور من المدَوَّنة، ولسَحنون بعد هذا خلاف قوله أن لها أخذ ما أقر لها به، وإن أقامت على الإنكار، قيل: لا يحكم لها بأخذ ما أقر لها به، وإن رجعت لقوله إلا أن يشاء دفع ذلك لها، قاله ابن القاسم في سماع عيسى من النكاح، وكتاب الدعوى والصلح ولا يدخل شيء من هذا في مسألتنا؛ لأن الأخ لم ينكر إقرار الأم به ولو أنكره كانت كمسألة الصداق.
قلت: وظاهر نقل الشيخ قول محمد أن مسألة من ترك أخاه وأمه وأقرت الأم بأخ أنها منصوصةٌ في الموطأ، وتبعه ابن شاس وابن الحاجب وابن هارون وابن عبد السلام،