وليست بموجودة في الموطأ بحال، وإنما في الموطأ كون الواجب على المقر إعطاء فضل إنكاره على إقراره فقط من غير تعرض لعين مسألة الأم المقرة بأخ، ففهم أن هؤلاء أن هذه المسألة مماثلة لمطلق سائر مسائل الإقرار بوارثٍ المذكور بما في الوطأ، فنقلوا فيها قوله في الموطأ، وصرح بذلك محمد في النوادر محمد عنه: من ترك زوجةٌ وعاصباً فأقرت بابن دفعت له نصف ما بيدها، وعلى القول الذي ذكرناه عن ابن القاسم وأصبغ يكون بينه وبين الغاصب، ونحو فهمهم هذا نقل المازري في كتاب الإقرار بعد ذكر المشهور في كون فضل إنكار المقر للمقر به وحده، ونقله قول ابن كنانة المتقدم ما نصه: وقيل: إن هذا النصيب الذي هو نصف الثلث يكون نصفه للمقر به ونصفه الآخر لبقية الورثة الجاحدين؛ لأن حاصل إقرار المقر التبري منه وأنه لا يستحق فيه إرثاً، فصار المقر له يدعيه، وبقية الورثة الجاحدين يقولون: ليس لك فيه شيء فيقسم ذلك بينه وبينهم، وهذا أضعف المذاهب، ولا يتصور له وجه سوى ما ذكرته.
قلت: ظاهره أن هذا التوجيه هو من عنده، وقد ذكره الشيخ من كلام أصبغ.
قال: لأن الأخ الثابت النسب يقول ما تبرأت الأم منه أنا أحق به إذ لا وارث معي، ويقول المستلحق: بل هو لي فيقسم بينهما.
قلت: ولم يصرح المازري بعزوه للمذهب، ولما تبع شيخنا أبو عبد الله السطي طريقتهم حصل في شرحه كتاب الحوفي في مسألة مطلق الإقرار بوارث خمسة أقوال: المشهور وقول ابن كنانة، والثلاثة المذكورة في مسألة إقرار الأم بأخ ثان، والصواب عندي عدم مماثلة مسألة الأم لمطلق مسائل الإقرار بوارث، فلا يصح عزوها للموطأ ولا ثبوت أقوالها الثلاثة في مطلق مسائل الإقرار بوارث، وهو مقتضى ذكرها الحوفي بعد ذكره مسائل مطلق الإقرار، وهو ظاهر سياق كلام ابن رشد، وعدم بيان مماثلتها مطلق مسائل الإقرار أن مسألة إقرار الأم بأخ ثان مشتملة على معنى خاص بها مناسب لتوجه منازعة المنكر في فضل إقرار المقر بالأخ، وهو أن الأخ المنكر يحتج على المقر له بأن يقول له: لولا وجودي لم يتقرر لك فضل بإقرار الأم؛ لأنها لو كانت دوني أخذت الثلث وبيت المال الثلثين، فإن أقرت بك مع ذلك لم يكن في إقرارها بك فضل على