الشيخ: قال ابن حبيب عن ابن القاسم وأشهب والأخوين، من أودع وديعة ببينة ثم جحدها ثم أقام بردها بينة أنه ضامن؛ لأنه أكذب بينته بجحدها؛ يريد: إن قال: ما أو دعنى شيئاً، ولو قال: مالك عندي من هذه الوديعة شيء نفعته بينته، وسمع عيس: سئل ابن القاسم: عمن جحد قراضًا أدعى عليه به، ثم قال: تلف مني.
قال: قال مالك فيمن أنكر مالاً بعث به معه لرجل فقامت عليه به بينة، فقال: تلف يحلف لقد ضاع، ويبرأ فكذلك مسألتك.
وقال عيسى: إن جحدها فقامت عليه البينة لم يصدق في دعوى الضياع، وبلغنى عن مالك.
وقال ابن القاسم في مسألة القراض: إن لم يأت بالبينة على القضاء غرمه، وليس دعوى القضاء كدعوى الضياع.
وفي سماع ابن القاسم في رسم حديث طلق قال مالك: إنما عليه اليمين.
ابن رُشْد: في تصديقه مع يمينه بعد الإنكار في دعواه الرد أو الضياع وعدم تصديقه، ثالثهما: في دعواه الضياع لا في الرد، ومن هذا الأصل أن ينكر دعوى فلما قامت عليه البينة جاء بالمخرج منها ببينته على البراءة، أو الدعوى لو جاء بها قبل إنكاره قبلت وشبه ذلك، فقيل: لا يقبل منه؛ لأنه كذبه بجحوده، وقيل: يقبل منه، وقيل: لا يقبل منه إلا في اللعان إذا ادعى رؤية بعد إنكاره القذف وأراد أن يلاعن، وشبه اللعان من الحدود هو قول محمد، وقليل: لا يقبل إلا في الحدود والأصول لا في الحقوق، قاله ابن كنانة وابن القاسم في المدنية، فيتحصل في ذلك أربعة أقوال: التفرقة بين الحدود وما سواها، وبيني الحدود والأصول وما سواهما.
قُلتُ: تحقيقها أن من أنكر ما قامت عليه بينة بعد إنكاره في قبول ما يدفع عنه ما ادعى عليه به لو أتى به قبل إنكاره بعده مطلقًا مع يمينه ولغوه ولو كان ببينة، ثالثهما: تقبل ببينته لا قوله: مع يمينه في تلفٍ ولا قضاء، ورابعها: تقبل في التلف لا القضاء لسماع عيسي رواية ابن القاسم ومتقدم نقل ابن حبيب، وقول عيسى مع روايته ونقله.