وفي كونه من القضاء بالمثل في يسير ذوات القيم طريقان للمتأخرين.
اللخمي: ليس منه ولو كان منه ما غرم النقص بعد إصلاحه، وقد تكون قيمة الثوب سالماً مائة ومعيباً تسعين وأجر رفوه عشرة، وتكون قيمته بعد إصلاحه خمسة وتسعين، يخسر المتعدي خمسة، وقد لا يزيد الإصلاح في قيمته معيباً شيئاً وإنما ألزمه إصلاحه؛ لأن ربه لا يقدر على استعماله إلا بعده.
ومثله: من حلق رأس مسلم كرهاً يفدي عنه؛ لأنه أدخله في ذلك، واختلف في هذا الأصل فقيل: على الجارح أجر الطبيب، فإن برئ على شين غرمه أيضاً، وقيل: ذلك على المجروح، فإن برئ على غير شين لم يكن على الجارح شيء وفيه ظلم على المجروح، ويلزم عليه إن كانت الجناية على عبد لا توجب غرم قيمته أن يكون علاجه على سيده، فإن برئ على غير شين لم يكن على جارحه شيء، وكون الرفو وأجر الطبيب على الجاني أحسن.
الصقلي: لو قال قائل في اليسير: إنما عليه ما نقصه فقط لم يعبه؛ لأنه إذا أعطاه ما نقصه دخل فيه الرفو، كقولهم فيمن وجد آبقا وذلك شأنه له جعل مثله ولا نفقة له؛ لأنها داخلة في تقويم جعله، وعلى أخذه في الفساد الكثير في كونه بعد رفوه كاليسير أو دونه بخلاف قول عبد الحق قائلاً بخلاف مداواة الحيوان قائلاً؛ لأن ما ينفق على رفو الثوب وحصول الإصلاح معلومان، وما ينفق في المداواة وحصول النجح بها غير معلومين.
ونقل الصقلي عن ظاهر أقوالهم وعزاهما المازري للمتأخرين، بناءً على أنه في اليسير لإدخال الجاني ربه في مؤنة الإصلاح، أو لأنه قضاء بالمثل في تيسير ذوات القيم.