قُلتُ: هذا خلاف ما تقدم للخمي عن مختصر الوقار فتأمله.
قال ابن رشد: وإن قال للمشتري أو لمن سأله ذلك: سلمت لك شفعتي، فقال أصبغ: إن سلمه على وجه الهبة والعطية للمشتري اختص المشتري بسهام الذي سلم له، وعلى هذا يكون البيع بنزول المشتري منزلة الشفيع البائع الشفعة فلا يكون لمن سواه من الشفعاء شفعة، إلا أن يكون بمنزلته فيكون لهم منها بقدر حظوظهم، وعلى هذا تأول ابن لبابة رواية ابن القاسم: لا يجوز أن يبيع الرجل شفعة وجبت له ولا يهبها، فقال: معناه من غير المبتاع.
واحتج لتأويله برواياتن كتاب الدعوى: يجوز أن يبيع شفعته من المبتاع بعد وجوب صفقته قبل أن يستشفع، ولا يجوز له بيع ذلك من غيره، وحكى مثله من رواية أشهب أنه لا يجوز له بيعها من غير المبتاع قبل أن يأخذ بشفعته، واختار من رأيه عدم بيعها وهبتها لا من مبتاع ولا من غيره، وهو الصواب، وما جلبت من الروايات ليست بجلية لاحتمال حملها على أخذ العوض من المبتاع على تسليم الشفعة له بما يجوز بعد وجوب الصفقة، وسماه بيعًا لما فيه من معنى البيع، وقول أصبغ شاذ بعيد.
وحكى ابن لبابة أنه رأى ابن الحباب عقد لنفسه وثيقة شراء نصيب من رجل من مال، وما وجب له من الاستشفاع في حظ كان بيع من ذلك المال قبل ذلك، فلما تمت الوثيقة قال لي: هذا من غرائب التنبيهاتا التي لا يعرفها والله غيرنا يريدني ونفسه، فالحاصل أنه لا يجوز للشفيع هبة ما وجب له من الاستشفاع لغير المبتاع ولا بيعه منه، واختلف فيهما للمبتاع على قولين:
أحدهما: جوازهما، فيختص المشتري بذلك، فلا يكون لغير البائع أو الواهب من الشفعاء عليه شفعة إلا أن يكونوا بمنزلته فيكون لهم بقدر حظوظهم، والثاني: أنه لا يجوز فيفسخ البيع والهبة ويكون الشفيع على شفعته وبيع الشفيع حظه الذي يجب له بالشفعة قبل أخذه بها فلا يجوز اتفاقًا، وكذا هبته لا تلزم.
وتسليم الشفعة بمال بعد وجوبها له جائز اتفاقًا:
وفي نوازل ابن رشد: إن صالح مشتري شقص أحد شفعائه لغيبة بقيتهم، ثم