قدموا فأخذوا بالشفعة فلا رجوع له على من صالحه، أما على القول باختصاصه بحظ من صالحه فواضح، وكذا على أخذهم حظه؛ لانتفاعه بقلة الشركاء معه، وهو الفرق بين هذه وسماع يحيى ابن القاسم فيمن قتل رجلين عمدًا فصالح أولياء أحدهما على الذية، ثم قام أولياء الآخر فقتلوه؛ أن ورثة القاتل يرجعون بالدية على المصالح لعدم انتفاعهم بالصلح، إذ فائدته حياة وليهم وقد قتل.
قُلتُ: الأظهر في مسألة الشفعة رجوع المشتري على الشفيع المصالح بمناب اختصاصه بحظ الشفيع المصالح، من انتفاعه بقلة الشركاء بما أخذه الشفيع المصالح، كمن صالح على أمرين استحق منه أحدهما.
وتعدد الصفقات يوجب انفراد كل صفقة بحكمها حسبما يأتي إن شاء الله تعالى وإن اتحدت، والبائع والمشتري والشقص فواضح، وتعدد الأشقاص فقط كاتحادها، وإن تعدد البائع فقط في مشترك بينهم.
اللخمي: كبيع رجلين حظيهما من دارين أو دار وبستان بينهما فكاتحادهما.
قُلتُ: ولأبي عمر عن ابن القاسم: في ثلاثة شركاء في أرض باع اثنان منهم حظيهما صفقة واحدة ليست للثالث إلا أن يشفع في الجميع أو يدع، وقال أشهب: يأخذ من أيهما شاء.
قُلتُ: وهذا يوهم أن ذلك والمشتري واحد، ولكن آخر قوله: من أيهما شاء يدل على تعدد المشتري فيكون ذلك موافقًا لنقل الجماعة.
اللخمي: ولو كان في غير مشترك بينهما كبيع أحدهم حظه في دار وبيع آخر حظه في بستان لا شركة بينهما فيهما، فقال ابن القاسم: كذلك، وعلى تعدد صفقتهم بتعددهم، وهو القول بأن العقد لو كان بالنسبة لأحدهم حلالًا، وبالنسبة للآخر حرامًا صح الحلال وفسخ الحرام، يكون للشفيع أخذ حظ أحدهم دون الآخر.
الشيخ: قال ابن القاسم وأشهب: من ابتاع حظًا من دار من رجل وحظًا من حائط من آخر صفقة واحدة وشفيعهما واحد فليس له إلا أخذ الجميع.