صنفه له، ومالك إنما يراعي ما صح في العاقب وإن أخطأ في اللفظ.
الصقلي: صواب ابن سحنون عنه لو قال: ابذره في أرضك لك، وما خرج فهو لي فسد، والزرع لرب الأرض كأنه وهبه البذر، ثم استثنى ما خرج منه.
الصقلي: إن بقي التبن للعامل، والحب فقط لرب الأرض فسد، وإن كان التبن وجميع ما خرج لدافع البذر جاز على قول ابن عبدوس؛ لأن مآل أمرهما أن العامل تطوع له بزرعه في أرضه وحصده ودرسه، وقوله: ابذره في أرضك لنفسك لغو.
ابن سحنون: لو قال رب البذر لم أرد هبته له حلف ورجع عليه بمثله كهبته رمكة على أن ما نتجت للواهب فقبضها على ذلك النتاج للموهوب له، واستثناء الواهب باطل.
قلت: في هذا التشبيه نظر؛ لأن الرمكة إن كانت للموهوب له، وهي نظير البذر لزم ألا يرجع عليه بمثله، وإن كانت للواهب لزم كون النتاج له؛ لأن الرمكة له مع شرطه ذلك.
قال: وإن أعطيته أرضك وبذرك وبقرك على أن يزرع والزرع بينكما نصفان لم يجز، وهو أجير والزرع لرب البذر، ولو قال: جعلت نصف أرضي وبذري وبقري كراء نصف عملن لم يجز، فإن نزل فالزرع بينهما نصفين، ويترادان الفضل في الأكرية؛ لأن هذا قبض نصف البذر خاصة في إجارته.
الصقلي: انظر ما الفرق بين هذه والتي قبلها، وهل هو إذا أعطاه أرضه وبقره وبذره على أن يتولى الآخر العمل والزرع بينهما نصفين إلا أعطاه أرضه وبقره وبذره بنصف عمله، ولو لم تكن المسألتان جائزتين إذا ساوى عمله كراء الأرض والبقر والبذر، ومالك إنما ينظر للفعل لا للقول، وما الفرق بين ذلك وبين من أخرج الأرض وثلث الزريعة، وأخرج الآخر ثلثي الزريعة والعمل فقد أجازوه إن ساوى عمله كراء الأرض والبقر.
قال بعد هذا: إن أخرج أحدهما الأرض والبذر وأخرج الآخر البقر، والعمل أنه جائز إذا تساوى وهذا مثله.