لفظاً، وهو خلاف ظاهر المدَوَّنة من قال: داري حبس فقط، ولم يجعل لها مخرجاً، ومثله في العتبيَّة.
قُلتُ: ظاهر قوله: أن ظاهر لفظ ابن الحاجب أنه لابد من تعيينه قصداً إلى آخره، يرد بأن آخر كلامه يدل على خلاف ذلك، وهو قوله: صرف إلى الفقراء؛ لأنه لو كان لا بد عنده من تعيينه قصداً لما استقام قوله: صرف للفقراء بل الواجب حينئذ أن يقول سئل عن قصده، فإن تعذر صرف للفقراء.
قال: وقوله: وقيل في وجوه الخير بعده خلافاً، وليس كذلك إنما المذهب سؤال المحبس عن قصده فيعمل عليه، فإن تعذر حمل على غالب حبس الناس في تلك الجهة، فإن لم يكن غالب صرف على الفقراء.
قُلتُ: حاصله رده ما ذكر من الخلاف بزعمه نفي الخلاف، وهو مردود بنقل ابن شاس: من قال: وقفت ولم يعين له مصرفاً صرف للفقراء.
قال مالك في المدَوَّنة: وقال القاضي أبو محمد: يصرف في وجوه الخير.
قُلتُ: فما نقله عن المدَوَّنة واضح، وما نقله عن القاضي هو نصه في المعونة: من قال: حبساً فقط صرف في وجوه الخير والبر.
وشبيه المصرف مثله إن تعذر:
في نوازل الشعبي عن ابن المكري: من حبس أرضاً على مسجد فخرب، وذهب أهله وصار ما حوله مزرعة لطول العهد يجتهد القاضي في حبسه بما يره.
وقال ابن الهندي: توقف عليه لعله يبني وصرفها لغيره تبديل.
الباجي: لو كانت أرض محبسة لدفن الموتى فضاقت بأهلها فلا بأس أن يدفنوا بمسجد بجانبها، وذلك حبس كله، قاله ابن الماجِشُون.
ول أَصْبَغ عن ابن القاسم في مقبرة عفت: لا بأس ببنائها مسجداًّ وكل ما كان لله فلا بأس أن يستعان ببعضه على بعض.
ابن الحاجب: لو حبس على زيد وعمرو، ثم على الفقراء، ثم مات أحدهما فحصته للفقراء إن كانت غلةً، وإن كانت كركوب دابة وشبهه فروايتان.