وتعلم أبان من أبيه، والروايات وأقوال الأشياخ واضحة الدلالة على جلالة خطة القضاء، وندور السلامة فيه.
ابن سهل: قال بعض الناس: خطط القضاء من أعظم الخطط قدراً، وأجلها خطراً لا سيما إذا اجتمعت إليها الصلاة.
قلت: يريد: إمامة الصلاة، ومقتضاه حسن اجتماعهما، والمعروف ببلدنا قديماً وحديثاً منع إمامة قاضي الجماعة بها أو الأنكحة إمامة الجامع الأعظم بها.
وسمعت بعض شيوخنا: أ، هم يعللون ذلك بأن القاضي مظنه؛ لعدم طيب نفس المحكوم عليه به مع تكرر ذلك في الآحاد، فيؤدي إلى إمامة الإمام من هو له كاره.، وقد خرج الترمذي عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم: العبد الآبق حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها ساخط عليها، وإمام قوم وهم له كارهون".
ابن رشد وغير واحد: الحكم بين الناس بالعدل من أفضل أعمال البر، وأعلى درجات الأجر، والجور فيه، وإتباع الهوى من أكبر الكبائر، وهو محنة من دخل فيه ابتلي بعظيم؛ لأنه عرض نفسه للهلاك؛ إذ التخليص منه عسير.
قال عمر رضي الله عنه: وددت أني أنجو من هذا الأمر كفافاً لا لي ولا على، فالهروب منه واجب لاسيما في هذا الوقت.
قال مالك: قال لي عمر بن حسين: ما أدركنا قاضياً استقضي بالمدينة إلا عرفت كآبة القضاء عليه، وكراهية في وجهه إلا قاضيين سماها.
قال ابن عبد السلام: هذا حين كان القاضي يعان على ما وليه، وريما كان بعضهم يحكم على من ولاه، ولا يقبل شهادته إن شهد عنده، وأما إذا صار القاضي لا يعان؛ بل من ولاه ربما أعان عليه من مقصوده بلوغ هواه على أي حال كان، فإن ذلك الواجب ينقلب محرماً، نسأل الله السلامة.