للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأحكام، وأحوال المقلدين مختلفة قد يولى عامي لغناه وتحليه بتسمية العدالة والوقار، ولا له من حظ من مجالسة العلماء ما يميز به ما يجب قبوله من أحد الخصمين، وما لا يوجب على خصمه حقاً أوجواباً وما لا، وإن كتب له عما سأل عنه؛ لم يفهم موانع الجواب، وما يعرض فيه من احتمال بحيث يعيد السؤال عنه، فمثل هذا لا تجوز ولايته، ومن يفتي في هذا الزمان أقل حاله أن يكون مطلعاً على روايات المذهب، وتأويل الأشياخ لها، وتوجيههم ما اختلف ظواهر بعضها مع بعض، وتشبيههم مسائل بمسائل قد يسبق للفهم تباعدها إلى غير ذلك، مما بسطه الأشياخ، فهذا لعدم المجتهد يقتصر عل نقله.

واختلف أصحاب الشافعي في جواز إفتاء المفتي إذا كان مجتهداً في مذهب إمام، وبجوازه أخذ القفال، وهو مبني على جواز تقليد الميت.

قُلتُ: في هذا الإجراء نظر، والأقرب فهمه علي أن الجواز تقليد الميت يمنع إفتاء المجتهد الخاص، ومنعه تخبيره خوف التعطيل.

ابن العربي: قبول المقلد الولاية مع وجود المجتهد جور وتعد، ومع عدم المجتهد جائز، ويحكم بنص مقلده، فإن قاس عليه، أو قال: يجيء هذا من كذا فتعد.

قُلتُ: يرد كلامه بأنه يؤدي إلى تعطيل الأحكام؛ لأن الفرض عدم المجتهد؛ لامتناع تولية المقلد مع وجوده، فإذا كان حكم النازلة غير منصوص عليه، ولم يجز للمقلد المولى القياس على قول مقلده في نازلة أخرى؛ تعطلت الأحكام، وبأنه خلاف عمل متقدمي المذهب كابن القاسم في المدونة في قياسه على أقوال مالك، ومتأخريهم كاللخمي، وابن رُشْد، والتونسي، والباجي، وغير واحد من أهل المذهب؛ بل من تأمل كلام ابن رُشْد وحده يعد اختياراته بتخريحاته في تحصيله الأقوال أقوالاً، ففي صحة قول المقلد مع وجود المجتهد قولان لابن زرقون مع ابن رُشْد، وعياض مع ابن العربي والمازري قائلا: هو محكي أئمتنا عن المذهب، ومع فقده جائز، ومع وجود المجتهد أولى اتفاقاً فيهما ٠

وأما شرط الفتوي؛ ففيها: لا ينبغي لطالب العلم أن يفتي حتى يراه الناس

<<  <  ج: ص:  >  >>