للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهلاً للفتوى.

قال سَحنون: الناس هنا العلماء.

قال ابن هرمز: ويرى هو نفسه أهلاً لذلك.

قُلتُ: وقع هذا في رسم الشجرة تطعم بطنين من جامع العتبية لابن هرمز فما ذكره مالك عنه، ولييس فيه، ويرى هو نفسه أهلا لذلك، فقال ابن رُشْد: زاد في هذه الحكاية في كتاب الأقضية من المدونة: ورأيت نفسك أهلاً لذلك، وهي زيادة حسنة؛ لأنه أعرف بنفسه، وذلك أن يعرف من نفسه أنه كملت له آلات الاجتهاد، وذلك علمه بالقرآن، وناسخه ومنسوخه، ومفصله من مجمله، وعامه من خاصه، وبالسنة مميزاً بين صحيحها وسقيمها، عالما بأقوال العلماء، وما اتفقوا عليه، وما اختلفوا فيه، عالما ببوجوه القياس، ووضع الأدلة مواضعها، وعنده من علم اللسان ما يفهم به معاني الكلام.

وفي نوازل ابن رُشْد: أنه سئل عمن قرأ الكتب المستعملة مثل المدونة والعتبية دون رواية، أو الكتب المتأخرة التي لا توجد فيها رواية، هل يستفى وإن أفتى، وقد قرأها دون رواية هل تجوز شهادته أم لا؟ فأجاب من قرأ هذا الكتب، وتفقه فيها على الشُيُوخ، وفهم معناها، وأصول مسائلها من الكتاب والسنة والإجماع، وذكر ما نقلناه عنه في البيان قال: فهذا يجوز له أن يفتي فيما ينزل، ولا نص فيه باجتهاده، قال: ومن لم يلحق هذه الدرجة لم يصلح أن يستفتى في المجتهدات التي لا نص فيها، ولا يجوز له أن يفتي برأيه إلا أن يعلم برواية من عالم، فيقلد فيما يخبر به، وإن كان فيه اختلاف أخبر بالذي ترجح عنده إن كان ممن له فهم ومعرفة بالترجيح.

قُلتُ: وهذا حال كثير ممن أدركناه، وأخبرنا عنه أنهم كانو يفتون، ولا قراءة لهم في العربية فضلاً عما سواها من أصول الفقه، وقد ولي خطتى قضاء الأنكحة والجماعة بتونس من قال: ما فتحت كتاباً في العربية على أحد، ومثله ولي القضاء في أوائل هذا القرن ببجاية، وقد رأيت بعض هؤلاء يقرءون التفسير، وأخبرت أن بعضهم كان منعه قاضي وقته، فلما مات أقرأه، وأفتى ابن عبد السلام بوجوب منع من لم تكن له مشاركة

<<  <  ج: ص:  >  >>