للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: يريد مع يسر الاطلاع على فهم مشكل اللغة بمختصر العين، والصحاح للجوهري، ونحو ذلك من كتب غريب الحديث، ولاسيما مع نظر كلام ابن القطان، وتحقيقه أحاديث الأحكام، وبلوغ درجة الإمامة، أو ما قاربها في العلوم المذكورة غير مشترطة في الاجتهاد إجماعًا، وقال الفخر ابن الخطيب: في المحصول، وتبعه السراج في تحصيله، والتاج في حاصله في كتاب الإجماع ما نصه: ولو بقي من المجتهدين والعياذ بالله واحد؛ كان قوله حجة، فاستعاذتهم تدل على بقاء الاجتهاد في عصرهما، والفخر بن الخطيب توفي يوم عيد الفطر سنة ست وستمائة، ولكن قالوا في كتاب الاستفتاء ما نصه: انعقد الإجماع في زمننا على تقليد الميت؛ إذ لا مجتهد فيه، والأظهر تفسير كلام ابن الحاجب بجعل الضمير المخفوض في قوله باجتهاد عائد على مقلده بفتح اللام، ومعناه: أنه يجوز للقاضي المقلد لمالك مثلًا في المسألة التي لا نص فيها أن يجتهد فيها باجتهاد إمامه؛ أي: بقواعده المعروفة في طرق الأحكام الكلية؛ كقاعدته في تقديم عمل أهل المدينة على خبر الواحد العدل وعلى القياس، وكقوله بسد الذرائع إلى غير ذلك من قواعده المخصوصة به في أصول الفقه، ولا يجوز له أن يجتهد في القياس على قوله اجتهادًا مطلقًا من غير مراعاة قواعده الخاصة به، فيتحصل من نقل ابن الحاجب في اجتهاد المقلد فيما لا نص فيه لمقلده ثلاثة أقوال المنع مطلقًا، وهو نص ابن العربي، وظاهر ما تقدم من نقل الباجي، ولا يفتي إلا من هذه صفته إلا أن يخبر بشيء سمعه، والثاني جواز القياس له مطلقًا من غير مراعاة قواعده الخاصة به، وهو قول اللخمي وفعله؛ ولذا قال: قال عياض في مداركه: له اختيارات خرج بكثير منها عن المذهب، والثالث جواز اجتهاده بقيد مراعاة قواعد إمامه الخاصة به، وهذا هو مسلك ابن رشد، والمازري، والتونسي، وأكثر الإفريقيين والأندلسيين.

وأما الملازمة في قوله: وإلا كانت الأمة مجتمعة على الخطأ، ففي صدقها نظر أن تقريرها إن خلي الزمان عن مجتهد اجتمعت الأمة على الخطأ، وهذه مصادرة؛ لأنه لا يلزم كونها مخطئة إلا إذا ثبت عدم الاكتفاء بالتقليد، وأما إذا كان جائزًا؛ فلا، والمسألة مشهورة في أصول الفقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>