ابن محرز وصوره بأن تعلم بينة حضرت حكمه قصده الحكم بشيء، فحكم بغيره وهلًا.
قُلتُ: هذا على القول بصحة الشهادة بالفهم؛ واضح، وعلى القول بلغوها؛ فيه نظر.
وتصويره بإقراره يوجب فيه إشكالًا؛ لأنه إن أقر بذلك في ولايته؛ وجب عليه إشهادة بنقضه بدل إقراره به، وتركه نقضه بعد إقراره؛ كرجوعه عن إقراره، فيبطل، وإن أقر بذلك بعد عزله؛ لم تقبل شهادته على حكم نفيه، فتأمله.
وسمع ابن القاسم قوله في كتابه في قضاء: كان أخاه عاملان، فنظر فيه العامل الثالث، فجاءه رجل يستعين بالكتب إليه، فكتب إليه إن كان من قبلك فالغوه، فأنقذه لصاحبه.
ابن رشد: هذا يدل على أن للفقيه المقبول القول الكتب للحاكم بالفتوى، وإعلامه بما يصنع، وإن لم يسأله الحاكم، وهذا في غير القضاة، وأما القضاة؛ فلا ينبغي الكتب إليهم بما يفعلانه إلا أن يسألوا؛ لأنه يؤدي إلى أنفذ تؤذي.
وقوله: إن كان أمضاه بحق يدل على أنه أمره بالنظر فيما حكم به من قبله، فإن كان بحق أنقذه؛ فعلى هذا حكم حمل الحكام حمل أحكام العمال على الرد حتى يتبين أنها بحق، فتمضي وهو خلاف قولها: ما قضت به ولاة المياه جائز إلا أن يكون جورًا بينًا؛ لأنه يقتضي أنها على الإجارة؛ فلا ينظر فيها، ولا تتعقب، وهذا الاختلاف لإنما يصح في غير العدل في الولاة، فرآها مرة جائزة ما لم يتبين فيها جور، وهو مذهب أصبغ، ورآها مرة مردودة ما لم يتبين فيها الحق، وهو اختيار ابن حبيب قياسًا على الشهادة.
وأما العدل منهم؛ فحكمه محمول على الجواز، ولا يرد منه إلا ما تبين فيه الجور اتفاقًا.
قُلتُ: لازم قوله: أن الاختلاف إنما هو في غير العدل مع قوله: أنها على الإجارة، فلا ينظر فيها أن غير العدل ينظر في أحكامه، وهو خلاف ما حمله في رسم الصبرة من سماع يحيى، فتأمله.