للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البناء منقوضًا في مذهب مالك ممن علم منه اتباعه وتقليده، وتقدم في الاستحقاق الجواب عن هذا، فتذكره.

قال ابن الحاجب: لا يتعقب أحكام العدل العالم، ولا ينقض منها إلا ما خالف القطع، أو قامت البينة أن له فيه رأيًا، فحكم بغيره سهوًا.

قُلتُ: تعليقه النقض على ما خالف القطع لا أعرفه، وعبارة المازري ما نصه: بالجملة إن تعارضت الأحاديث، وقدم بعضها على بعض بالترجيح الذي لا يصل إألى القطع، ولا يقاربه لم تتعرض الأحكام، وكذا إن تعارضت التأويلات، ولم يرجح بعضها على بعض إلا بالنظر الضعيف لم ينقض، وكذا الأقيسة هذا كشف القاضي عن هذا الأصل.

وقد حكم شريح في ابني عم أحدهما آخ لأم بأنه أولى بالإرث فقال علي رضى الله عنه: ما دليلك على هذا؟ قال: قوله تعالى: {وأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال: ٧٥]، فرده علي عليه، ونقض حكمه، وهذا قد يحمل على أن عليًا رضى الله عنه حفظ خبرًا عنه صلى الله عليه وسلم بخلاف حكم شريح أو ظاهر خبر كالنص أو قياسًا جليًا، وكذا لما ضاع لعلي رضى الله عنه يوم الجمل درع، فوجدها عند رجل، فترافعا لشريح، فشهد لعلي عبد الله بن جعفر ومولًا لعلي، فرد شريح شهادة مولاه له، فمديده، وأخذ الدرع كالمنكر على شريح وشهادة المولى لمولاه مع جواز شهادة ابن الأخ لعمه، وهو أقرب من المولى فرآه كالمخالف للقياس الجلي.

وحكم عمر رضى الله عنه في الفريضة المشتركة؛ وهي زوج وأم، وأخوة لأم، وإخوة أشقاء بمشاركة الأشقاء الإخوة للأم قالوا له: هب أن أبانا كان حمارًا، وقضى أيضًا بأن لا مشاركة، فقيل له في ذلك، فقال: تلك على ما قضينا، وهذه على ما قضينا، ولم ينقض حكمه بحكمه لما كانت أدلة الحكمين متقاربة، وعلى هذا ينبغي أن يجري جميع الآثار.

قُلتُ: فلم يقصر المازري النص على القطع، فنص ابن الحاجب عليه غير مستند لنص رواية تابعًا لابن شاس متعقب.

وقول ابن الحاجب: أو قامت البينة على أن له فيه رأيًا، فحكم لغيره سهوًا ذكره

<<  <  ج: ص:  >  >>