قبل النكاح، والعتق قبل الملك، ونكاح المحرم، والحكم بالقسامة، فحكم حاكم بإمضاء النكاح، واستمرار الرق، ثم رفع لمن يرى خلاف ذلك؛ فليحكم به، ولا يمنعه من ذلك ترك الأول، قاله ابن الماجشون، ورأى أن الترك ليس بحكم، وقال ابن القاسم في كتاب النكاح: ذلك حكم، وفسخه الثاني خطأ، وهو أحسن؛ لأن الأول حكم بحلية الزوجة لزوجها، وملك العبد لسيده. قلت: وإجراء قوليهما على قول بقاء الأعراض، وقول جمهور أهل السنة بعدمه تكلف، وإن أشبه ما ذكر المازري من إجراء عد الأرباح حاصلة يوم ملك أصلها أو الشراء، أو يوم حصولها على الكمون، والظهور في مسألة الأعراض، وله نحو هذا في كتاب الوكالات.
اللخمي: وقال محمد: إن حكم القاضي بشاهد ويمين، ثم ولي آخر بعده؛ ففسخه كان للثالث فسخ نقض الثاني، قال: وهذا عظيم أن يرد ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وإن قال الأول: لا أحكم بشاهد ويمين، ثم ولي آخر يرى الحكم بالشاهد واليمين؛ كان له الحكم به؛ يريد: أن الأول من باب الترك، وتقدم قول ابن القاسم أن الترك حكم.
ابن شاس: لو رفع إليه نكاح امرأة زوجت نفسها بغير ولي، فقال: أنا لا أجيزه، ولا أحكم بفسخه؛ فهذا ليس بحكم، ولكنه فتوى، فتتبعه ابن الحاجب. قال ابن عبد السلام: هذا متفق عليه، ونحوه لابن برهان.
قُلتُ: مقتضى جعله فتوى أن لمن ولي بعده أن ينقضه ضرورة أنه لم يحكم به للأول؛ والظاهر أنه لا يجوز للثاني نقضه؛ لأن قول الأول حين رفع إليه لا أجيزه، ولا أفسخه حكم منه بفسخه بأنه مكروه، والكراهة أحد أقسام الشرع الخمسة يجب رعي كل حكم منها ولازمه، وحكم المكروه عدم نقضه بعد وقوعه، ولا سيما على قول ابن القاسم في حكم الحاكم إذا كان متعلقه تركًا، ولما كان حكم الحاكم إنما يتعلق بجزئي لمن لم يكن حكم حاكم ثان بنقيض حكم الأول في جزئي آخر نقضًا لحكمه، وكذا قال المازري: كان أبو بكر يسوي في العطاء من الفيء بين الشريف والمشرف، فلما ولي عمر فاضل بين الناس، فلما ولي علي سوى بينهم، فلم يكن اختلافهم نقضًا لقضاء