للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن رشد في رسم الجواب من سماع عيسى: إن أرى خلاف ما قضى به باجتهاده؛ فالمشهور إن أرى ما هو أحسن نقضه، ورجع إلى ما رأى ما دام في ولايته، ولو كان قضاه أولًا مما اختلف فيه، وقال ابن عبد الحكم: لم يختلف أصحابنا في ذلك، وأنا لا أراه وقضاؤه؛ كقضاء غيره لا يرجع عما اختلف فيه إلى ما هو أحسن منه حتى يكون خطًأ صراحًا، ولم يعجب ابن حبيب ما انفرد به ابن عبد الحكم، وحمل فضل المدونة على قول ابن عبد الحكم، وحملها غيره على ما أجمع عليه أصحاب مالك سواه، والأمر محتمل على رواية: لا يَرجع بفتح الياء، وعلى رواية: يُرجع بضم الياء؛ لا يحتمل قول ابن عبد الحكم.

وقال ابن سحنون: إنما يرجع في قضائه إذا اختلف فيه إن قضى به وهلًا أو نسيانًا، وهو يرى خلافه، ولو كان رأيه يوم قضى به؛ لم يرجع فيه، وقضى في المستقبل بما رأى، والذي أقوله: أن الخلاف في رجوعه عنه ما دام على قضائه بحاله؛ إنما هو إذا قضى، وهو يراه باجتهاده يوم قضى به، وأنه جار على الخلاف في تصويب المجتهدين، ولو قضى به وهلًا أو نسيانًا؛ فلا يسع الخلاف في أنه لا يصح له الرجوع عنه إلى تقليد آخر، فهي ثلاثة أوجه وجه يرجع فيه، ومقابله اتفاقًا فيهما ومختلف فيه، ولا خلاف في أنه لا يرجع ما دام في ولايته فيما قضى به مما لم يختلف فيه كان اجتهادًا أو وهلًا أو نسيانًا.

المتيطي عن ابن زمنين: من المختصرين من تأول المدونة على أنه ينقض ما حكم به، وإن أصاب قول قائل من العلماء، وتأول بعضهم: لأنه لا ينقض ما وافق فيه قول قائل من العلماء، وهذا أقرب للفظها.

المتيطي: على هذا اختصرها حمديس، وعلى الأول اختصرها الشيخ، ولفظه: إن بان له أنه أخطأ في قضائه نقصه، وإن أصاب قول قائل ابن أبي زمنين أكثر أصحاب مالك على أنه إن قضى بقضية، ثم رأى ما هو أحسن منه؛ فله أن يرجع إلى أحسن ما رأى، وإن كان الأول مما اختلف فيه.

قُلتُ: ظاهر لفظ المدونة: أنه إنما يرجع في حكمه إذا تبين له أن الحق في غير ما قضى به لا فيما تبين له أنه راجح، وظاهر لفظ ابن أبي زمنين وابن رشد: أن له نقض

<<  <  ج: ص:  >  >>