المخزومي بأبي سفيان فقال له عمر: انهض بنا لموضع كذا، فنهضوا، فنظر عمر، فقال يا أبا سفيان: خذ هذا الحجر من هنا وضعه هنا، فقال: والله لا أفعل، فقال: والله لتفعلن، فقال: لا أفعل، فعلاه عمر بالدرة، وقال: خذه لا أم لك وضعه ههنا، فإنك ما علمت تحريم الظلم، فأخذ أبو سفيان الحجر ووضعه حيث قال عمر، ثم استقبل عمر القبلة، فقال: اللهم لك الحمد إذ لم تمتني حتى غلبت أبا سفيان على رأيه، وأذللته بالإسلام، فاستقبل أبو سفيان القبلة فقال: اللهم لك الحمد إذ لم تمتنى ختى جعلت في قلبي من الإسلام ما ذللت به لعمر، فقضى عمر بما علمه قبل ولايته، وإلى هذا ذهب أبو يوسف، ومحمد، والشافعي، وأبو ثور سواء عنده علمه قبل ولايته أو بعده في مصره أو غير مصره.
قال أبو حنيفة: علمه قبل ولايته، أو رآه في غير مصره؛ لا يقضي بعلمه فيه، وهو فيه شاهد، وما علمه بعد ولايته، أو رآه بمصره؛ قضى فيه بعلمه، واتفق أبو حنيفة وأصحابه أنه لا يقضي بعلمه في الحدود.
وقال الشافعي وأبو ثور: يقضي في الحدود وغيرها بعلمه، قلت: استدلال أبي عمر على القضاء بما علمه قبل ولايته بفعل عمر يرد بأنه إنما قضى به بعد رؤيته فهو قضاء بعلمه المستصحب إلى وقت الحكم، فهو حكم بما علمه في ولايته، فتأمله.
المازري: في حكمه بما علمه مطلقًا ثالثها: بما علمه بعد ولايته غير حد، ورابعها: هذا ولو علمه قبل ولايته، وخامسها: بما علمه غير حد في مجلس قضائه لأحد قولي الشافعي ومالك مع الأوزاعي، والشعبي، وجماعة، وأبي حنيفة، وأبي يوسف، وسحنون مع عبد الملك، وعلى المشهور أنه لا يحكم عليه بما أقر به في مجلس حكومته في صحة شهادته علته أنه عند غيره، سماع عيسى ابن القاسم، ونقل ابن رشد نقل محمد أحد قولي ابن القاسم.
اللخمي: إن حكم على الخصم بإقراره، ولم ينكر حتى حكم عليه، ثم أنكر بعد الحكم، وقال: ما كنت أقررت بشيء؛ لم ينظر إلى إنكاره هذا مشهور المذهب.
وقال ابن الجلاب: إن ذكر الحاكم أنه حكم بأمر، وأنكر المحكوم عليه؛ لم يقبل