القاسم؛ لأن قوله ما حكاه الفضل أن الشهادة على الصفة لا تتم إلا بذكر الموضع، والآبق لا يعرف له موضع، وقوله: إن المكتوب إليه يكشف هل في ذلك البلد من هو على تلك الصفة، والاسم سواه في الآبق، والدين صحيح لا اختلاف في أمره يفعل هذا كما يؤمر بالسؤال والكشف عن أحوال الشهود عنده، فإن لم يفعل؛ كان على المشهود له عنده أن يعدل عند شهوده الذين شهدوا له، فإن لم يكشف هو عن ذلك، فذكر ما تقدم من قولي أشهب مع ابن القاسم وابن وهب.
وقول ابن شاس: إن كان أحد المشتركين في الصفة قد مات؛ لم يستحف عليه الحي منهما ما في الكتاب حتى تشهد البينة أنه الذي استحق عليه إلا أن يطول زمان الميت، ويعلم أنه ليس المراد بالشهادة لبعده، فيلزم الحي صواب، وكذا نقلته من ذلك البلد لآخر قال: ويثبت أنه حكم القاضي بالمشافهة، كما إذا كانا قاضيين لبلدة واحدة، أو يتناديا من طرفي ولا يتهما؛ فهو أقوى من الشهادة.
وتبعه ابن الحاجب، وقبله ابن عبد السلام، وابن هارون، ولا أعرف من جزم به من أهل المذهب؛ وإنما تبعا في ذلك الغزالي، قال في الوجيز: ولو شافه القاضي الآخر؛ لم يكشف؛ لأن السامع أو المسمع لا به، وأن يكون في غير محل ولايته؛ فلا يصح سماعه ولا إسماعه إلا إذا جوزنا قاضيين ببلدة واحدة، أو تناديا من طرفي ولايتهما؛ فذلك أقوى من الشهادة، وتقدم تعقب هذا بأنه لا يجوز لفقيه عزو منصوص أقوال مذهب لمذهب آخر إلا ببيان إجرائها على أصول المذهب المعزو إليه، كما يفعله المازري في غير ما مسألة، وقال في هذه المسألة ما نصه: لا شك أن ذكر القاضي ثبوت شهادة عنده على غائب ليس بقضية محضة، ولا نقل محض؛ بل هو مثبت بالأمرين؛ فينظر أولهما به، ولا يتفرع على هذا أن قاضيين لو قضيا بمدينة على أن كل واحد منهما ينفذ ما ثبت عنده، فأخبر أحدهما الآخر أنه ثبت عنده شهادة فلان وفلان لرجلين بالبلد، وقضى ثبوتهما فإن قلنا: إنه كنقل شهادة؛ فلا يكتفي بهذا القاضي المخاطب بأنهم شهدوا عند الآخر؛ لأن المنقول عنهم حضور، وإن قلنا: إنهم كقضية؛ فالقاضي الثاني ينفذ ما قاله الأول، وهذا قد يقال فيه أيضا: إذا جعلنا قول القاضي واحدا، وإن كان كالنقل تكتفي