للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به لحرمة القضاء، فكذا يصح نقله، وإن كان من نقل عنه حاضرا، وهذا مما ينظر فيه.

فإن قلت: مقتضى قول المازري: وإن قلنا: إنه كقضية؛ فالقاضي الثاني ينفذ ما قاله الأول يصحح ما نقله ابن شاس عن المذهب.

قلت: لا دلالة فيه على صحة ذلك؛ لأنه إنما ذكره على تقدير تولية قاضيين بموضع واحد، وقد تقرر أن لزومية الشيء الشيء لا تدل على صحة الملزوم، وقد تقدم في شرط وحدة القاضي ما يدل على أن مقتضى المذهب شرط وحدته وجدته، فتذكره وقول ابن الحاجب تابعا لابن شاس لو كان المسمع في غير محل ولايته؛ لم يسمع واضح عزوه للمذهب؛ لأن حلوله بغير محل ولايته؛ يسقط حكم ولايته، فصار قوله ذلك كقوله بعد عزلته.

ابن سهل عن ابن عبد الحكم: إن حج قاض، فحل بغير محل ولايته؛ فليس له أن يسمع فيه بينة على من في عمله، ولا ينظر في بينة أحد، ولا أن يكتب بما شهد عنده إلى قاض آخر، ولا أن يشهد على كتابه بذلك بذلك إلى أحد، وله أن يسأل عن حال بينة؛ شهدت عنده.

وفي كتاب منهاج القضاة لابن حبيب عن أصبغ: أن يبعث الإمام القاضي لبعض الأمصار في شيء من أمر العامة فحل به؛ فله أن يسمع فيه بينة بحق على غائب في عمله، ويسأل من قام بها تعديلها، وله أن يسأل قاضي ذلك المصر عنهم، ويحتذي بما أخبر به من عدالتهم؛ لأنهم من عمله، ولو اجتمع الخصمان عنده بذلك المصر للمخاطبة عنده، وما يختصمان فيه في بلد القاضي الغائب عن نظره؛ لم ينظر بينهما إلا أن يتراضيا عليه؛ كتراضيهما بمن يحكم بينهما، وبعض جواب أصبغ بخلاف ما تقدم لابن عبد الحكم، وسألت ابن عتاب عن قاض جعل بغير بلده، وقد ثبت عنده ببلده حق لرجل، فطلب منه أن يخاطب به قاضي موضع المطلوب قال: لا

يجوز له ذلك، فإن فعل؛ بطل خطابه، ثم قال: ولا يبعد أن ينفذه، قلت له: فإن كان الحق الثابت عنده ببلده على من هو بموضع اختلاله، فأعلم قاضي الموضع بذلك مشافهة بما ثبت عنده؛ أيكون كمخاطبته بذلك؟ قال: ليس مثله، قلت: وما في الفرق؟ قال: هو في إخباره هنا بما كان

<<  <  ج: ص:  >  >>