الصورة لم يقصد القاضي المسمع الإشهاد بوجه؛ إنما قصد إعلام قاض آخر مشافهة، ولم يتم الحكم بها، فتأمل.
قلت: قوله في هذا الأصل قولان؛ يرده بأن القولين إنما هما في كتاب القاضي حسبما تقدم لابن رشد، والقول أشد من الكتاب؛ لأن من طلق زوجته نطقا؛ لزومه من غير توقفه على شيء، ولو كتب به؛ لم يلزمه بمجرد كتبه حتى يخرجه عازما حسبما تقدم، ولو سلم كونه مثله؛ لا يشهد من غير خلاف إلى آخره؛ يرد بأن الشاهد من السامعين لم يقصد إسماعهما بوجه، والقاضي السامع قصد القاضي الذي أسمعه إسماعا قطعا، وقوله: إن القاضي المسمع؛ إنما قصد إعلام قاض آخر مشافهة، ولم يتم الحكم؛ يرد بأنه إنما لم يتم الحكم بها من حيث استقلال سماعهما، ولا يلزم منه عدم الحكم بها مع انضمام شاهد آخر بها، وثبوت حكم الحاكم بشاهد ويمين، يأتي إن شاء الله تعالى في فصله.
وقول ابن الحاجب: لو اقتصر الأول على سماع البينة، وأشهد بذلك وجب على المنتهي إلية الإتمام، هو نقل ابن رشد في سماع ابن القاسم: يجب على المكتوب إليه أو من ولي بعده أن يصل بنظره بما ثبت عند الكاتب، إن كتب بثبوت شهادتهم فقط؛ لم يأمر بإعادة شهادتهم، ونظر في تعديلهم، وإن كتب بتعديلهم أو بقبوله إياهم أعذر للمشهور عليه، وإن كتبه بأنه أعذر له، فعجز عن الدفع؛ أمضى الحكم عليه.
قلت: ظاهر قوله: بيني على قبوله إياهم أنه ينبي عليه مطلقا، ولو كان مذهب الكاتب حمل المستور الحال على العدالة، ومذهب المكتوب إليه حمله على غير العدالة، وفي هذا الأصل اختلاف.
قال ابن المناصف: لو كتب قاض بحكمه بشيء فيه اختلاف، ورأى المكتوب إليه فيه بخلاف حكم الحاكم الذي كتب به؛ ففي وجوب إنفاذه إياه قول أشهب في المجموعة، وقول سحنون: لا ينبغي له أن يجيزه، ولا أن ينفذه.
قلت: فهم الخلاف من هذا اللفظ واضح، وفي فهمه من لفظ النوادر إشكال فيها ما نصه: قال أشهب في المجموعة: إن كتب قاض لقاض بأمر فيه اختلاف، والمكتوب