قال الباجي: ما نصه: ترد شهادة من ترك واجباً كالصلاة والصوم حتى يخرج الوقت المشوع لها، وترك الجمعة جرحه في الجملة، واختلف في تركها مرة واحدة، فقال أصبغ: جرحه كالصلاة الفريضة يتركها مرة واحدة.
قلت: فاستدلاله هذا نص في أن ترك الصلاة مرة واحدة جرحه، وأنه متفق عليه، وترك الصلاة مرة واحدة؛ كالكذبة الواحدة، وهو خلاف ما يأتي.
لابن رشد: أن ترك الصلاة الواحدة من الصلاة المفروضة حتى يخرج وقتها بغير عذر؛ لا يوجب رد الشهادة حتى يكثر ذلك من فعله.
والقيان: جمع قينة، وهي المغنية، فجعل في المدونة كسبها جرحه، ولذا نقل عياض عن بعض فقهاء الأندلس: أنه رد شهادة صاحب له، فسأله عن سبب ذلك، فقال له: حضرتك، وقد عرض عليك شراء جارية من جاريتين وقفتا للبيع، وقيل لك: هذا مغنية، فزدت في ثمنها، وتقدمت قضية إبراهيم بن سعيد الذي ذكرها الخطيب عنه في باب الوليمة، وما نقل فيها عن مالك، فتذكره المازري: الغناء لا بآله عندنا مكروه.
وذكر محمد بن عبد الحكم: أن من أدمن على سماعه؛ ردت شهادته، فيمكن أن رأه علماً على سقوط المروءة.
وقال مالك فيها: ترد شهادة المغني والمغنية والنائحة إن عرفوا بذلك، فشرط اشتهارهم بذلك، والاشتهار بذلك يدل على الخساسة، وكذا الرقص بالطاقتين اللتان تسميان عندنا بالشيزانة.
والعناء بآله: فإن كانت ذات أوتار كالعود والطنبور والمعزف والمزمار؛ فالظاهر عند بعض العلماء حرمته، وأطلق محمد بن عبد الحكم أن سماع العود مكروه، وقد يريد به الحرمة، ولما كان ذلك يقارن غالباً شرب الخمر ويبعث عليها؛ انسحب عليه حكم التحريم.
قال ابن عبد الحكم: سماع العود جرحه إلا أن يكون في صنيع لا شرب فيه؛ فلا يجرح، وإن كره على كل حال، وذكر ابن شعبان: الخلاف في رد شهادة قارئ القرآن بالألحان، ولعله يريد الألحان التي تفسد نص القرآن، ومخارج حروفه، وأما الترنم به،