لتسويغ أخذ جوائزهم وجه، فإن كان المجبي حلالاً، وعدل في القسم، فاتفق أهل العلم على جواز أخذ الجائزة منه، وإن لم يعدل في قسمه؛ فالأكثر على جواز أخذها منه، وكرهه بعضهم، وأرشد المجبي حلال وحرام؛ فالأكثر على كراهة الأخذ منه، ومنهم من أجازه، وإن كان المجبي حراماً، فمنهم من حرم أخذ الجائزة، والرزق على عمل الأعمال منه، وروي هذا عن مالك: ومنهم من أجازه، ومنهم من كرهه، وإن كان الغالب عليه الحرام؛ فله حكم الحرام، وإن كان الغالب عليه الحلال؛ فله حكم الحلال، وفيه كراهة ضعيفة، وإن كان الخليفة يجبي الحلال والحرام، فمن أخذ مما يعلم أنه حلال؛ فله حكم المال الحلال، ومن أخذ مما يعلم أنه حرام، فله حكم المجبي الحرام.
وسمع عيسي ابن القاسم: الفرار من الزحف من الضعف جرحه، ومن علمت توبته منه وظهرت؛ قبلت شهادته وإلا ردت، والضعف في العدد كما قال تعالي:
ابن رشد: هو كبيرة، وقال بعض الناس: ليس بكبيرة.
قلت: تحقق تبوته عسير؛ لأنها لا تعرف إلا بتكرار جهاده، وعدم فراره، وأنظر هل الفرار من الضعف جرحه مطلقاً، أو ما لم يكن ممن صار العدو في حقه أكثر من الضعف بفرار من فر من الضعف؟ وهذا هو المظنون اعتقاده في بعض من فر في هزيمة الأمير أبي الحسن المريني في وقعة طريف من الفقهاء الذين كانوا معه كشيخنا أبي عبد الله السطي.
وفي كون قطع الدنانير والدراهم جرحه ثالثها: ما لم يعذر بجهل، لابن رشد عن أصبغ عن ابن القاسم.
وظاهر قول سحنون وابن القاسم في الموازية، وهذا إذا قطعها وهي وازنة، فردها ناقصة في البلد الذي لا تجوز فيه ناقصة، وهي تجري فيه عدداً بغير وزن على أن ينفقها، وبين نقصها، ولا يغش بها، وقطعها وردها ناقصة يغش بها، جرحه اتفاقاً، وقطعها وهي مقطوعة أو غير مقطوعة، وهي لا تجوز بأعيانها.
والتبايع بالميزان لا خلاف أنه ليس بجرحه، وإن قطعها عالماً بمكروه ذلك،