ابن رُشْد: المسألة عنهم سرًا؛ هو تعديل السر ينبغي للقاضي فعله، ولا يكتفي بتعديل العلانية دونه، ويكتفي بتعديل السر دون تعديل العلانية.
حكى هذا ابن حبيب عن الأخوين وأَصْبَغ ومعناه: في الاختيار لا اللزوم على ما في المدَوَّنة وغيرها، وتعديل السر يفترق من العلانية في أنه لا إعذار في السر، وفي أنه يجزي فيه الشاهد الواحد، والاختيار اثنان، بخلاف العلانية في الوجهين.
وعن سَحنون: لا يقبل في السر إلا اثنان، وهو ظاهرها ومعناه: في الاختيار، فلا خلاف في إجزاء الواحد في السر، وحمل بعضهم ذلك على أنه اختلاف من القول غير صحيح، وإنما كان تعديل السر أقوى من العلانية؛ لأن الشاهد قد يسأل التزكية، فيستحيي من التوقف عنها.
قال ابن شبرمة: أنا أول من سأل في السر كان الشاهد إذا أتى القوم ليزكوه استحيوا منه، وتعديل السير هو أن يبتدئ القاضي بالسؤال عن الشاهد من يظن أنه خبير بحاله من جيرانه وأهل خلطته، ومكانه أو يتخذ رجلَا يوليه السؤال عن الشهود، فيقبل ما أخبر به وحده، ولا ينبغي له هو أن يكتفي بسؤال واحد خوف أن يكون بينه وبين الشاهد عداوة. هـ.
وتعديل العلانية أن يقول القاضي للمشهود له: لا أعرف شهودك، فعدلهم عندي: لا يجوز فيها إلا اثنان، ويلزم الإعذار بهما للمشهود عليه،
هذا معنى ما فيها، والواضحة وغيرهما من الدواوين لا خلاف في شيء منه هـ.
اللخمي: تقبل التزكية سرَا، واختلف في قبولها علانية، فأجازه فيها، ومنعه ابن الماجِشُون وهو أحسن؛ لأن الناس يتقون أن يذكروا في العلانية سرًا خوف العداوة.
الشَّيخ عن أَصْبَغ: وليكن التعديل سرًا وعلانية، ولا أحب أن يتجزئ بالسر عن العلانية.
الباجي: الأفضل الجمع بينهما، ووجه الاكتفاء بالسر عن العلانية، أنه لا يجتزئ بالسر إلا بالخبر الفاشي المتكرر الذي يقع به العلم؛ ولذا لا يعذر فيه، ويعذر في العلانية للمشهود عليه.