إياه، ويقبل تعديله من جيرانه، وأهل محلته لا من غيرهم؛ لأن وقفهم على تعديله مع كونهم أقعد به رتبة في تعديله، فإن لم يكن فيهم عدل؛ قبل من سائر بلده.
المتيطي: لا يزكي الشاهد إلا أهل مسجده وسوقه وجيرانه، رواه أشهب، وقاله الأخوان.
ولما ملك الأمير أو الحسن المريني إفريقيَّة قدم تونس، فوجد الشَّيخ الفقيه القاضي ابن عبد السلام قدم شهودًا بتونس، لم يمض لتقديمهم إلا عدة أشهر، فذكر له بعض من وثق بكلامه ما وجب أن أمر القاضي المذكور بوقفهم إلا إمام الجامع الأعظم منهم، فإنه قدم فيهم لغرض فوقفهم، وطال وقفهم أزيد من عام أو قربه، حتى سعى بعضهم على يدي بعض من كان بتكرر للشيخ أبي عبد الله السطي في أن يكلم السلطان عسى أن يفوض للقاضي في رد من شاء منهم، وكان التناصي وعد الواسطة في أن يقدم معه إذا وقع التفويض، فلما كلم الشَّيخ السطي السلطان، وفوض للشيخ ابن عبد السلام؛ قدم ولده والساعي، ومن شاء منهما، ولم يقدم الواسطة، فبعث الشَّيخ السطي إلى السلطان الساعي، وكلمه في توفيته بما وعد به الواسطة، وأن يكلم عنه الشَّيخ ابن عبد السلام في تقديمه فأتاه عنه، وقال له: يقول لكم: إن ارتهنتم فيه نقدمه، وكانت أسباب الجرح إذا نالت الشَّيخ السطي تصدر عنه شديدة، فأجابه بجواب اللائق من ذكره أنه قال له: قل له: هذا منك غفلة أو استغفال، أم تعلم أن المنصوص أنه لإنما يعدل الرجل أهل محلته وجيرانه، وذكر ما تقدم من نقل اللخمس والمتيطي قال له: وهذا الذي طلبت منه تعديله أنت عالم بأن معرفتي به حديثة لمدة يسيرة، وليس من بلدي، وهو قاطن معك مخالط لك؛ كمخالطة غيره ممن قدمته، فلم يستطع أن يرد إليه جوابًا؛ لأن القول بالعلم نور لا يرده ذو ديانة أنصف.
وفي آخر لقطتها: إن شهد قوم على حق، فعدلهم قوم غير معروفين، وعدل المعدولين آخرون، فإن كان الشهود غرباء؛ جاز ذلك، وإن كانوا من أهل البلد؛ لم تجز؛ لأن القاضي لا يقبل عدالة على عدالة.
وسمع القرينان: أترى المسألة عن الشهود سرًا؟ قال: نعم، ولا يسأل إلا العدول.