وقيل: إلا النصراني، وإن لم يبين كونه تبكيتًا؛ فهو فيما نازعه فيه من قول أو فعل على التبكيت، وفيما لا علم له به من حدود أرض، أو دين على أبيه على عدم التبكيت.
وفي نوازل سَحنون: ليس كل من تجوز شهادته تجوز تزكيته؛ قد تجوز شهادة الرجل، ولا تجوز عدالته، لا يجوز في التزكية إلا المبرر النافذ الفطن الذي لا يخدع في عقله، ولا يستنزل في رأيه، ولا ينبغي لأحد أن يزكي رجلًا، إلا رجلًا قد خالطه في الأخذ والعطاء، وسافر معه ورافقه.
قال مُطَرِّف بن عبد الله: لا يجوز في الجرحة والتعديل إلا العدل المنقطع، وليس كل من جازت شهادته؛ يجوز في الجرحة.
ابن رُشْد: هذا مما لا خلاف فيه، ومعنى قول مُطَرِّف؛ إنما هو إذا لم ينص على الجرحة ما هي، وإنما قال: أشهد أنه ليس من أهل الرضا والعدالة، ولو شهد عليه أنه شارب الخمر، أو صاحب قيان، أو عدو للمشهود عليه، وشبه لك؛ جازت شهادته بذلك إذا كان جائز الشهادة، وإن لم يكن مبرزا في العدالة وهو نصه ونص أَصْبَغ في الواضحة، ولما ذكر المتيطي قول سَحنون: إن شهود التعديل لا يكونوا كشهود سائر الحقوق، قال عليه أكثر أصحاب مالك، وبه العمل.
قال: وعنه أن شهود التزكية كشهود سائر الحقوق.
اللخمي: لا يقبل التعديل بيسير المخالطة؛ لأنه لا يدرك إلا بطولها؛ لأن الإنسان يزين ظاهره، ويكتم عيبه.
قال محمد: لا يقبل ذلك حتى تطول المخالطة، فليعلم باطنه كما يعلم ظاهره؛ يريد يعلم باطنه في غالب الأمر لا أنه يقطع بذلك.
قُلتُ: هذا مع متقدم قول سَحنون: لا ينبغي أن يزكي إلا من خالطه في الأخذ والإعطاء، وسافر معه ورافقه؛ كالنافي لنقل الشَّيخ عن ابن سَحنون عنه من عدل رجلًا لم يعرف اسمه قبل تعديله، وانظر هذا مع تعقب بعض أهل الزمان تزكية الشاهد بعض العوام مع شاهدته عليه بالتعريف بعد تزكيته إياه قبلها بقريب.
اللخمي: إن علم بمخالطته اجتنابه الكذب والكبائر والوفاء بالأمانة؛ جاز تعديله