وروى ابن وهب أنه إن قال: هذا كتابي، ولا أنكر الشهادة أنه يحكم بها، وأخذ ابن القاسم وأصبغ بقول مالك الثاني لا يشهد، وإن عرف خطه حتى يذكر الشهادة، واختلف على هذا الفول، ففيها يؤديها كما علم، ولا تنفع، وهذا يدل على تصويب المجتهدين.
وقال محمد: لا يؤديها؛ وهو القياس على القول بأن المجتهد قد يخطئ الحق عند الله، وإن لم يقصر في اجتهاده، واختلف كيف يؤديها؛ فقيل: يقول: هذه شهادتي بخط يدي، ولا أذكرها.
وفي رسم الأقضية الثالث من سماع أشهب أنه يقول: أرى كتاباً، وأظنه إياه، ولست أذكر شهادتي، ولا متى كتبتها، وعلى معنى هذا الاختلاف اختلافهم في الشهادة على خط المقر، ثم قال: حاصل المذهب فيها خمسة؛ الأول: جوازها والحكم بها، والثاني: لغوها، فلا يؤديها، والثالث: غير جائزة إلا أ، هـ يؤديها، ولا يحكم بها، والرابع: إن كانت في كاغد؛ لم يجز له أن يشهد، وإن كانت في رق؛ جاز له إن يشهد؛ يريد: إن كانت الشهادة في بطن الرق لا على ظهره؛ لأن البشر في ظهر الرق أخفى منه بخطه إلا لشهادة؛ لم يجز، حكي هذين القولين ابن حارث، ولسحنون في نوازله جميع أصحاب مالك يجيزونها إن كان هو خط الكتاب، وكتب شهادته، وهذه التفرقة استحسان؛ والقياس أ، لا فرق بين كون كل الكتاب بخطه، أو شهادته فقط على المعنى الذي ذكرناه في الخط هل هو رسم يدرك بحاسة البصر أم لا؟
قلت: يرد حكمه بعدم التفرقة بأن يكون الكتاب بخطه من نفي الشكوك في كون شهادته بخطه ما ليس بمجرد كون الشهادة فقط بخطه؛ لأن محاكاة الكاتب خط غيره في القليل تحصل له، ولا تحصل له في الكثير، والعلم بذلك كالضرورة، وأول لفظ المازري يدل على موافقته.
ابن رشد: في عدم التفرقة، وآخره يدل على ما قلناه من التفرقة، ووجه آخر: وهو التحيل بإلصاق محل شهادة الشاهد بمكتوب غير ما شهد به، وأخبرنا شيخنا أبو عبد