للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له بالمشهود به لاستلزام الرفع؛ نظر الحاكم في ذلك، وعدم استلزام الفتوى بعدم الحنث نظر مفت آخر، فتأمله، قال: ورواية الأخوين في الشهادة على معرفة خطه أحسن، ومحمل قول مالك على ما كانوا عليه من الحفظ كان كثير منهم لا كتب له، قال مالك: حدثني ابن شهاب بأربعين حديثاً حفظتها إلا ثلاثة أحاديث، فسألته أن يعيدها علي فأبى، قلت له: أما كان يعاد عليك الحديث؟ قال: لا، ولو وكل الناس إلى حفظ الشهادات؛ لم يؤد أحد شهادة، وتعطلت الحقوق، والضرب على الخط نادر.

قلت: قوله: (ولو وكل الناس ... الخ)؛ يدل على أن حفظهم الأحاديث المذكور عدها؛ إنما كان بالمعنى لا باللفظ، وإلا لما صح استدلاله به ذكر الشاهد شهادته.

وسمع ابن القاسم: الشهادة على خط رجل بحق عليه؛ كالشهادة بإقرار به.

ابن رشد: سواء كتب شهادته على نفسه في ذكر الحق، أو كتب ذكر الحق على نفسه بيده، فقال: لفلان على كذا وكذا، ولم يكتب شهادته، والشهادة على خط المقر؛ كالشهادة على إقراره.

قلت: قول ابن رشد: (سواء كتب شهادته على نفسه ...) إلى قوله: (ولم يكتب شهادته) خلاف ما حكي ابن عات في طرره.

قال في المجالس: إن كتب الوثيقة بخطه وشهادته فيها؛ نفذت؛ لأنه قليل ما يضرب على جميع ذلك، وإن لم يذكر شهادته فيها لم تقبل؛ لأنه ربما كتب، ثم لم يتم الأمر، وإن قال: لفلان عندي، أو قبلي بخط يده؛ قضي عليه، وإن كتب لفلان على فلان إلى آخر الوثيقة وشهادته فيها؛ لم تجز إلا ببينة سواه؛ لأنه أخرجها مخرج الوثائق، وجرت مجرى الحقوق، ولم تجز الشهادة فيها على خطه.

قال ابن رشد: وإن شهد على خطه شاهد واحد؛ كانت مع شهادته اليمين، لم يختلف فيها قول مالك، ولا أحد من أصحابه، إلا ما روي عن ابن عبد الحكم: أنه لا تجوز على الخط، مجملاً لم يخص موضعاً دون موضع، ونزلت أيام ابن لبابة، فأفتى فيها كل معاصريه بإعمالها، وقال هو: لا تجوز، وحكاه عن رواية ابن نافع، وفي المبسوطة لابن نافع، وروايته: إنها جائزة؛ كالمعلوم من مذهب مالك خلاف ما حكى ابن لبابة،

<<  <  ج: ص:  >  >>