للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشاهد من عقود البياعات والإقرارات؛ فليس على الشاهد أن يقرأها، ولا يحفظ ما فيها، وحسبه أن يتصفح منها عقد الإشهاد، فيجوز له أن يؤدي شهادته على ما أشهد عليه، وإن لم يعرف ما في الكتاب، ولا عدد المال إذا عرف المشهدين له على أنفسهم.

قال ابن دحون: فإن عرف الشاهد عين المشهود عليه، ولم يعرف عين المشهود له؛ فلا يشهد غلا أن يبين، وإن لم يعرفهما معاً؛ فلا يشهد.

قال ابن رشد: وكذا إذا عرف المشهود له، ولم يعرف المشهود عليه؛ لا يشهد البتة.

قلت: قوله مع الباجي وغيره: إنه لا يلزم الشاهد قراءة كل الوثيقة خلاف عمل محققي شيوخنا على لزوم قراءتها؛ خوف أن يكون في الوثيقة عقد فاسد، أو مشروط فيه ما يفسده، وما ظنه الشاهد صحيحاً، وهو غير تام؛ كهبته لابنه الصغير دار سكناه ونحو ذلك، أو ما فيه تلبيس على حكام المسلمين، قال بعض من لقيناه: إلا أن يعلم الشاهد بقارئن الأحوال أن ما يشهد به قد برمه والتزمه؛ فلا تلزم قراءتها؛ لأنه أمر قد وقع، فيشهد به؛ لينفذ فيه حكم الله سبحانه، وأدب ملبسه، وتقدم من هذا شيء في آخر الأقضية، وتقدم إجراء القولين في رفعها مع عدم الحكم بها على كون كل مجتهد مصيب أو لا.

وقال اللخمي: منع مرة رفعها؛ خوف أن يقضي بها؛ فيكون معيناً على ما لا يراه صواباً، وقال مرة: يرفعها؛ للاختلاف فيها، ولأنه لا يجوز أن يحكم بذلك على المشهود له؛ لأنه لم يستفته ولم يحكمه، ومثله من حلف بالطلاق، وكان في حنثه اختلاف فسأل الزوج والحكم عند المفتي أن لا حنث عليه؛ جاز له على القول الأول أن يفتيه بجواز الإصابة، وعلى القول الآخر لا يجوز له ذلك إلا أن يجتمع الزوجان على تقليده، وإلا كان حكماً على الزوجة وهي لم تقلده، وكذا لو استفت الزوجة من يرى حتثه؛ جاز له أن يفتيها على القول الأول بالهروب منه، ولا يجوز ذلك على القول الآخر، إلا أن يكون اختلافاً شاذاً منافياً للأصول؛ فيجوز له دون رضي الآخر.

قلت: تخريجه عدم الفتوى بعدم الحنث؛ لتعلقها بآخر لم تستفته على القول بلزوم الرفع؛ لأن عدمه متعلق بمن لم يستفته؛ يرد بجواز كونه لذلك مع رجاء حكم الحاكم

<<  <  ج: ص:  >  >>