باطن الرق وظاهره بأنها في ظاهره أخفى الأظهر عكسه؛ فتأمله، وحمله ابن زرقون على ظاهره دون تفرقة، قال ما نصه: وحكي ابن حارث قولاً رابعاً: إن كان في كاغد؛ لم يجز أن يشهد بها، وإن كان في رق؛ جاز.
وقال الباجي: قال ابن نافع: إن لم يعرف عدد المال، عرف الإمام بذلك، وما أراه ينفعه، وروى ابن وهب في العتيبه: يقضي بشهادته، وإن لم يشهد عنده على عدد المال.
وروى ابن القاسم: إن لم يعرف عدد المال؛ ردت شهادته، وإن ذكر أنه أشهد مع معرفة خطه، وهذا الخلاف عندي إنما هو فيمن يقضى بشهادته، وأن ذكر أنه شهد مع معرفة قيد شهادته باسترعاء على معرفته بمال وغيره ثم نسي، ولأبي زيد عن ابن القاسم إن عرف خطه، وأثبت من أشهده إلا أنه لا يذكر أنها التي في هذا الكتاب لا يشهد حتى يذكر ما في الكتاب جرفاً جرفاً، وهذا يدل على أنه عقد استرعاء، وأما ما أشهد فيه من العقود، فقد تقدم أنه لا يلزمه تصفحه ولا قراءته، ولا يتصفح منه إلا موضع التقييد؛ ولذا يشهد على الحكام بالسجلات المطولة، ولا تقرأ، وإذا لم تلزمه قراءته حين تقييد الشهادة؛ لا يلزمه ذلك حين الأداء أولى.
قلت في نوازل سحنون: روى ابن وهب: من عرف خط يده في شهادة؛ ذكر حق، ولم يثبت عدد المال إن استيقن أنه خط يده، وكان لا يثبت عدد المال؛ فليشهد عليه، ويقضي به القاضي، وإن لم يشهد عنده على عدة المال.
ابن رشد: قوله: يشهد إذا استيقن أنه خط يده، وإن لم يثبت عنده المال خلاف سماع أبي زيد: أنه لا يشهد، وإن استيقن خطه، وذكر أن فلاناً أشهده في أمر دار حتى يذكر شهادته، وتيقنها حفاً بحرف، وهذا الاختلاف إنما هو إن وضع شهادته على معرفته في عقد استرعاء، أو أشهده أحد على نفسه بمال، أو شهادة فيها مال، وحق غير مال، فقيد شهادته بخط يده بما أشهد عليه واستحفظ، فلما دعي لأداء الشهادة عرف خط يده واستيقنه، ولم يذكر الشهادة؛ لنسيانه لها بعد ذكره إياها، فوجه القول بأنه يشهد تيقنه صحة الشهادة؛ لمعرفته خط يده، وأنه لم يضع شهادته وقت وضعه إلا وهو عالم بها، ووجه القول: أنه لا يشهد بها؛ أنه غير ذاكر لها وقت أدائها، وأما ما شهد عليه