وسمع أشهب: من كتب لها زوجها بطلاقها مع من لا شهادة له، فوجدت من يشهد أن هذا خط زوجها، فقال: إن وجدت من يشهد لها على ذلك نفعها.
ابن رشد: مثله في مختصر ابن عبد الحكم، ولابن حبيب عن الأخوين وأصبغ: أن الشهادة على الخط لا تجوز في طلاق، ولا عتق، ولا نكاح، ولا حد، ولا في كتاب قاض بالحكم، ولا تجوز إلا فيما هو مال خاصة، وما لا تجوز فيه شهادة النساء، ولا الشاهد واليمين لا تجوز فيه الشهادة على الخط، وحيث يجوز هذا يجوز هذا، فكان يمضي لنا عند من أدركنا من الشيوخ أن ما ذكره ابن حبيب عن من ذكر، وهو مذهب مالك لا خلاف فيه، وأن معنى ما في السماع، ومختصر ابن عبد الحكم: نفعها ذلك أنه لا يكون لها شبهة توجب لها اليمين على الزوج أنه ما طلق.
والذي أقوله: إن معنى ما حكاه ابن حبيب عن من ذكر؛ إنما هو أن الشهادة لا تجوز على خط الشاهد في طلاق، ولا عتق، ولا نكاح أنه لا تجوز على خط الشاهد أنه طلق، أو أعتق، أو أنكح؛ بل هي جائزة على خطه بذلك، كما تجوز على خطه بالإقرار بالمال، وذلك بين من قوله، ولا تجوز إلا فيما كان مالاً من الأموال إلى آخره.
قوله: فالصواب أن يحمل قول مالك: (نفعها ذلك) على ظاهره من الحكم لها بطلاقه إذا شهد على خطه عدلان، وذلك إذا كان الخط بإقراره على نفسه أنه طلق زوجته مثل أن يكتب لرجل يعلمه أنه طلق زوجته، أو لزوجته بذلك على هذا الوجه، وإن كان الكتاب إنما هو بطلاقة إياها ابتداء؛ فلا يحكم عليه به إلا أن يقر أنه كتبه مجمعاً على الطلاق، وفي قبول قوله أنه كتب غيره مجمع على الطلاق بعد أن أنكر أن يكون كتبه اختلاف ابن زرقون.
حكي ابن سهل في أحكامه أن ابن الطلاع قال: الأصل من قول مالك وأكثر أصحابه جواز الشهادة على الخط في الحقوق، والطلاق، والأحباس وغيرها، إلا أن الذي جرى به عمل الشيوخ أن تجوز في الأحباس، وما يتعلق بها، ثم ذكر ما ذكره ابن رشد عن ابن حبيب، وما كان يمضي لابن رشد عند من أدرك من الشيوخ، ونقل اختيار ابن رشد بلفظ: وعندي أن كلام ابن حبيب إنما هو في الشهادة على خط الشاهد،