أن الشهادة عليهم لا تصح إذا أنكروا، ففي جهلهم بالحقيقة في ذلك صلاح عظيم وتحصين للحقوق.
ولابن القاسم في المجموعة: من دعي ليشهد على امرأة لا يعرفها، ويشهد عنده رجلان أنها فلانة تشهد.
قال في سماع حسين بن عاصم في بعض الروايات: لا يشهد إلا على شهادتهما.
وقال ابن نافع: يشهد، ورواه ابن رشد الذي أقوله إن كان المشهود له أتاه بالشاهدين؛ ليشهد له عليهما بشهادتهما عنده أنها فلانة؛ فلا يشهد إلا على شهادتهما، وإن كان هو سأل الشاهدين فأخبراه أنها فلانة؛ فليشهد عليها، وكذا لو سأل عن ذلك رجلاً واحداً يثق به أو امرأة؛ جاز له أن يشهد، ولو أتاه المشهود له بجماعة من لفيف النساء يشهدوا عنده أنها فلانة؛ جاز له أن يشهد إذا وقع العلم بشهادتهن.
قلت: قوله: (إن أشهد على نفسه جماعة)؛ يعرفه بعضهم، فلمن لم يعرفه منهم أن يضع شهادته عليه؛ ظاهره: أنه يشهد عليه، ولا يذكر معرفة ولا تعريفاً، وجرى العمل عندنا في هذا النوع أنه يذكر في الشهادة عليه ما نصه، وبمعرفته بالموجب وهي زيادة حسنة، وظاهر قول ابن رشد ولفظ السماع؛ أنه لا يشترط فيمن عرفه من الجمع بلوغ عدده ما يحصل العلم به؛ بل ظاهره: إن عرف منه اثنان أو واحد؛ كفى في ذلك، والأظهر تقييده بما يفيد العلم به بكثرة أو قرائن أو الظن القوي.
وفي أحكام ابن جدير: قال أصبغ بن سعيد: شهدت محمد بن عمر بن لبابة يكتب شهادته على أقوام مجهولين لا يعرفهم، وفي الوثيقة من يعرفهم بأعيانهم وأسمائهم، فقلت له: كيف تكتب هذا، وأنت لا تعرف القوم؟ فقال: قد يتناصفون بينهم بالحقوق إذا رأوا شهاداتنا في كتابهم، فإن اضطروا إليها؛ لم نشهد إلا فيما نعلم، وقال به سعيد بن أحمد ابن عبد ربه: وهو مذهب أبي عمر الإشبيلي، ويحتج بقول ابن لبابة، ثم ذكر عن الأخوين، وابن عبد الحكم مثل ما تقدم في السماع.
قال: وروى ابن القاسم، وابن نافع في المبسوطة فيمن دعي إلى الشهادة على امرأة وهو لا يعرفها: إنه شهد عنده عدلان أنها فلانة؛ فليشهد عليها.