قال ابن القاسم: هذا باطل، ولا يشهد عليه إلا وهو يعرفها بغير تعريفهم.
وقال ابن الماجشون: الذي قاله ابن القاسم هو الباطل، وكيف يعف النساء إلا بمثل هذا؟
وسمع ابن القاسم في كتاب النكاح في الرجل عنده المرأة لا يعرفها غيره كابنة أخيه يريد أن يزوجها كيف يشهد عليها؟ قال: يدخل عليها من لا تحتشم منه، فيشهد على رؤيتها.
قال عيسى: قال لي ابن القاسم: قال مالك: وإن لم يعرفها الشهيدان.
ابن رشد: إن لم يوجد من يعرفها؛ فلا بد أن يشهد على رؤيتها من لا تحتشم منه، فتسفر لهم عن وجهها يثبتوا عليها؛ ليشهدوا علي عينها إن أنكرت أنها التي أشهدتهم، فإن وجد من العدول من يعرفها؛ لم ينبغي لمن لم يعرفها أن يشهد عليها، فإن شهد عليها مع وجود من يعرفها أو دونه؛ لم ينبغي لهم أن يشهدوا على شهادتهم عليها بالرضا بالنكاح؛ لاحتمال أنها لم تكن هي التي أشهدتهم، فيموتوا، ويشهد على شهادتهم، فيلزم نكاحاً لم يرضي به؛ لأن شهادتهم على شهادتهم بذلك، كشهادتهم به عليها عند حاكم، والحقوق بخلاف ذالك.
قال مالك: لا يشهد الرجل على من لا يعرف، ومثله لأصبغ في الخمسة قال: وأما الحقوق من البيوع، والوكالات، والهبات، ونحو ذلك؛ فلا يشهد عليه في شيء من ذلك، إلا من يعرفها بعينها واسمها ونسبها، والفرق بين النكاح وغيره من الحقوق؛ أنه يغشى، وإن لم يشهدوا على شهادتهم في الحقوق أن يموتوا، فيشهد على خطوطهم، فتلزم بطلاً لم تشهد به على نفسها، وعلى ما جرى به العمل عندنا من أنه لا يقضى بالشهادة على الخط إلا في الأحباس، وما جرى مجراها، فيستوي النكاح وغيره من الحقوق، ولا يكون على الرجل حرج في وضع شهادته على من لا يعرف في الحقوق، كما يضعها عليه في النكاح إذا لم يشهد على شهادته بذلك، وقد استجاز ذلك العلماء قديماً، وإن قيد في عقد إشهاد الوثيقة معرفة العين والاسم لما في ذلك من تحصين العقود دوماً عند أداء الشهادة؛ فلا يحل للشاهد أن يشهد بإجماع إلا على من يثبت عليه، ويعرف أنه.