قال: هي مسألة المحصول في إطلاق اللفظ المشتق على مسماه ما نصه: الأقسام ثلاثة اثنان مجمع عليهما إطلاق اللفظ المشتق، ومسمى المشتق منه مقارن حقيقة إجماعاً كتسمية الخمر خمراً، وإطلاقه وهو مستقبل مجاز إجماعا كتسمية العنب خمراً، وإطلاقه وهو متقدم فيه مذهبان: أصحهما المجاز، ثم قال: سؤال هذه الأزمنة الثلاثة إنما هي بالنسبة إلى زمن الإطلاق، فعلى هذا يكون {قوله فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}[التوبة:٥]{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ}[المائدة:٣٨]{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي}[النور:٢] ونحوه من نصوص الكتاب والسنة لا يتناول الكائن في زماننا من هذه الطوائف إلا مجازاً؛ لأن زمانهم مستقبل بالنسبة إلى زمن الإطلاق، وهو زمن نطق رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فيتعلل عليهما الاستدلال؛ لأن الأصل عدم المجازة في كل واحد منها، فيفتقر في كل دليل إلى دليل يدل على التجوز إلى تلك الصورة، وهو خلاف الإجماع، بل أجمع العلماء على أن هذه الألفاظ حقائق في هذه المعاني، ثم قال: الجواب عنه أن المشتق على قسمين: محكوم به ومتعلق الحكم فالمحكوم به نحو: (زيد صائم)، فقد حكمنا عليه بهذا المشتق، ومتعلق الحكم نحو:(أكرم العلماء) فلم يحكم بأن أحداً عالم؛ بل حكمنا بوجوب الإكرام لهم، وهذا متعلق هذا الحكم، ومرادنا في هذه المسألة المشتق إذا كان محكوماً به، إذا كان متعلق الحكم فهو حقيقة مطلقاً من غير تفصيل، والله تعالى لم يحكم في تلك الآيات بأن أحداً أشرك، ولا سرق بل حكم بوجوب القتل والقطع والجلد فقط، وهذه الطوائف متعلق الأحكام؛ فاندفع الإشكال، وكل من تحدث في هذه المسألة يذكرها عموماً، وهذا باطل إجماعاً، وبالضرورة كما ترى.
قلت: ففهم الشيخ ابن عبد السلام من قول القرافي فهو حقيقة مطلقاً من غير تفصيل أنه لا يشترك في صدق المشتق على مسماه إذا كان متعلق الحكم حصول المعنى بالفعل في الذات التي أطلق عليها المسمى في وقت الحكم ولا قبله ولا بعده حين تعلق الحكم بالذات التي أطلق عليها المشتق وقبله منه، ولذا قال: فالشاهد في هذا الموضع حقيقة في من تحمل الشهادة، وفيمن هو متهيء لتحملها من غير تفصيل، وهذا إن أراده القرافي فهو؛ وهم منه معه، وظني أن مراد القرافي أنه لا يشترط حصول المعنى في