وقال سحنون: إن كانت المسافة تقصر فيها الصلاة، أو الستين ميلا جاز النقل، ولم يفرق بين مالٍ وحدٍ.
ولابن القاسم في المدونة: من أراد أن يحلف خصمه لغيبة بينته، ثم يقوم بها إن كانت قريبة كثلاثة أيام؛ قيل له: قرب بينتك، وإلا فاستحلفه على تركها، والأول أحسن، والاحتياط للحدود أولى، وتبعه المازري في نقله، وقبل تخريجه من مسألة المدونة.
قلت: فعليه في كون مسافة الثلاثة أيام قربا، وهو على مسافتها كحاضر أو بعدا، ثالثها: في الحدود لا في الأموال لتخريج اللخمي من متقدم قولها، وسحنون وابن القاسم في الموازية، وقد يرد تخريجه بأن قوله:(قرب بينتك) أعم من كونه بإحضارها أو نقل عنها، وبأنه لا يلزم من عدم الحكم لها بالبعد في تحليف الخصم مع القيام بها إن حضرت عدم الحكم لها بالبعد في النقل لمشقة الحلف في مسألتها، وعدمه في النقل، واختصارها أبو سعيد بقوله: وإن قال الطالب للإمام بينتي غائبة، فأحلفه لي، فإذا قدمت قمت بها نظر الإمام، فإن كانت بينته بعيدة الغيبة، وخاف تطاول الأمر، وذهاب الغريم أحلفه له، وكان له القيام ببينته، إذا قدمت، وإن كانت بينته قريبة الغيبة على مثل اليومين والثلاثة لم يحلفه، إلا على إسقاطها فأسقط لفظ قرب بينتك متعقب لإسقاطه ما منه التجريح، فإن قلت: لا يتعين كون التخريج من قوله: (قرب بينتك) بل مما اقتصر عليه أبو سعيد، ولذا قال المازري ما نصه: أشار في المدونة إلى كون الثلاثة أيام في غير الحدود قريبة، فقال: من أراد أن يستحلف خصمه لكون من له على ثلاثة أيام لا يمكن من ذلك حتى يسقط القيام بالبينة فجعلها في حكم الحاضرة.
قلت: لا يتم الأخذ من هذا اللفظ؛ لأن عدم تمكينه من تحليفه دون إسقاطه القيام ببينته يحتمل أنه لقدرته على تسببه في نقلها دون مشقة لا؛ لأنها كالحاضرة.
الباجي: وأما الغيبة القريبة كاليومين والثلاثة، ففي الموازية لا تنقل فيها شهادة، ووجهة إن تغيب عن مكانه اليومين والثلاثة، وأما من كان في موضعه على مسيرة يومين أو ثلاثة؛ فيصح نقلها عنه.