مثل أن يشهد أحدهم اليوم على شهادة جميع الأربعة، ثم يشهدهم الثاني غداً، ثم يشهدهم الثالث بعد غد، ثم يشهدهم الرابع في اليوم الذي يليه، فلا يجوز ذلك إلا على القول بجواز أن يفرق الشهود في تأدية الشهادة في الزنا، ومضى ذكر ذلك؛ لأن الإشهاد على الشهادة كتأدية الشهادة فيما يلزم فيها.
ومراد ابن القاسم بقوله:(في موضع واحد، ويوم واحد، وساعة واحدة) أن يكون الزنا الذي شهد عليه الأربعة زناً واحداً.
ويريد بقوله:(في موقف واحد) أن يشهدوا كلهم معاً على شهادتهم بكل واحد من الشهود الأربعة، وأن يؤدي الشهود الأربعة الشهادة على الشهادة عند الحكم؛ معاً غير مفترقين.
وقيل: إن تفرقوا جاز، فإن شهد أربعة على أقل من أربعة، أو أقل من أربعة على أربعة؛ حدوا؛ إلا أن يأتوا بما يوجب الحد على المشهود عليه، وذلك أربعة سواهم يشهدون على شهادة أربعة، أو على معاينة الزنا، على القول بأنه لا يجوز تفرق الشهود في تأدية الشهادة في الزنا، وعلى القول بجواز ذلك يجزئهم إن كانوا ثلاثة أن يأتوا بشاهد يشهد معهم، يشهد على شهادة الأربعة، وعلى شهادة نفسه.
قلت: ما حكاه- أولاً- خلاف حكم ما تقدم لمحمد عن ابن القاسم وأشهب وأصبغ فتأمله.
الشيخ: سمع يحيى ابن القاسم في شاهدين نقلا شهادة رجل، وحكم بها، ثم قدم فأنكر أنه أشهدهما، أو عنده في ذلك علم، قال مالك: يفسخ ذلك.
وفي سماع عيسى إن نقلا عن شاهد، فحكم له مع اليمين، أو عن اثنين فحكم بها، ثم قدم من نقلا عنه فأنكر؛ فالحكم ماض، ولا غرم عليهما، ولا يقبل تكذيبه لهما.
وروى نحوه أبو زيد.
وعن المازري: الأول؛ لرواية ابن حبيب، وعن الثاني لمُطرف وابن القاسم.
ابن رشد: جعل ابن القاسم إنكار الشهود بعد الحكم كرجوع الشاهد عن الشهادة بعد الحكم في أن الحكم لا يرد لاستواء المسألتين في أن الحاكم حكم بما يجوز له