ووجه تفرقة مالك هو أن إنكار المشهود على شهادته إن كان صادقاً في إنكاره وتكذيبه من نقل عنه؛ بطلت الشهادة لتصديقه في تكذيبه شهادته؛ إذ لم يثبت عليه أنه أشهدهما على شهادته، ثم رجع عنها، فوجب رد الحكم لئلا يتلف على المقضي عليه ماله، والشاهدان إذا رجعا عن شهادتهما مقران بالعداء على المحكوم عليه.
ابن الحاجب: وإذا كذب الأصل قبل الحكم بطلت، وبعده تامة.
ابن القاسم: يمضي، ولا غرم.
ابن حبيب: ينقض، وقيل: يمضي ويغرم الأصل لرجوعهم.
قلت: قوله: قبل الحكم بطلت.
قال ابن رشد: اتفاقاً، والقول الثالث لم يحكه الشيخ ولا ابن رشد.
وقال اللخمي في كتاب الرجم: إن شهد اثنان على شهادة أربعة؛ فلم يحدوا على قول ابن القاسم حتى قدم الأربعة المنقول عنهم، فإن ثبتوا على شهادتهم؛ حد المشهود عليه، واختلف إن أنكروا أنهم أمروهما بالنقل عنهم، فقال محمد: يحد القادمون؛ لأنهما صارا شاهدين عليهم بقذفهم هذا الرجل، وجعلهم كالراجعين عن شهادتهم، وإن نقل اثنان عن ثلاثة، وواحد على المعاينة؛ فلم يحد حتى قدم الثلاثة، فإن ثبتوا على ما نقل عنهم؛ حدوا هم، والرابع الشاهد بالمعاينة على قول ابن القاسم، ولم يحدوا على قول أشهب، وحد المشهود عليه؛ لأنهم يضم الشهادة، وإن أنكروا، وقالوا: ما أشهدناهما بشيء لم يحد المشهود عليه، ويختلف في حد المنقول عنهم فعل قول محمد، وعلى قول مالك في شاهدين على شهادة رجلين بمال، فقضي بشهادتهما، ثم قدم المنقول عنهما فأنكرا الشهادة أنه يرد الحكم لا يحدون.
وقال الأخوان، وأصبغ، وابن القاسم: الحكم ماض، ولا شيء على المنقول عنهم، ولا على الناقلين، فرد مالك الحكم، ولم يرهم كالراجعين عن شهادتهم، وعلى قوله هذا لا يحد القادمون، وعلى قول مطرف وابن القاسم أيضاً؛ لا يحد المنقول عنهم، وتسقط دية المرجوم إذا نقل أربعة عن أربعة، ورجم، ثم أنكر المنقول عنهم.