للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ عن سحنون: اختلف أصحابنا في رجوع البينة بعد الحكم، فقال: إن قالوا: أوهمنا أو شبه علينا؛ فلا غرم عليهم ولا أدب، وإن قالوا: زورنا، غرموا ما أتلفوا وأدبوا.

وقال آخرون: يغرمون، ولو في الوهم والشك؛ ويؤدب المعتمد.

قلت: إن قيل: الخطأ في أموال الناس كالعمد اتفاقاً في المذهب، ولذا رجح غير واحد القول الثاني بما وجه القول الأول.

قلت: إنما وقع الاتفاق على أن الخطأ كالعمد في أموال الناس في فعل غير المأذون له في الفعل، والمأذون له في الفعل ليس كذلك كالراعي يضرب الشاة ضرب مثلها فتهلك لا يضمنها، والوكيل على شراء عبد فيشتري أبا الموكل خطأ لا ضمان عليه، والشاهد مطلوب بالشهادة؛ فالقول بعدم ضمانه بناء على أنه يطلب الشهادة منه كالمأذون له في الفعل منضماً إلى أن الأصل عدم التفريط، وعدم الضمان.

وعزا ابن رشد في سماع عيسى القول الأول لسماع عيسى ابن القاسم قال: وهو قول ابن الماجشون حكاه عنه ابن حبيب.

وقال: هو قول جميع أصحابنا المغيرة وابن دينار وابن أبي زيد وغيرهم، وعزا الثاني لقول ابن القاسم في السرقة من المدونة، وهو ظاهر ما في أو رسم من سماع ابن القاسم، ونص قول ابن حبيب عن مُطرف، وابن القاسم وأصبغ.

الشيخ: قول محمد لم يحفظ عن مالك في غرم الشهود جواباً إذا شهدوا بحق فحكم به، ثم رجعوا، ولكن قال ذلك أصحابه أجمع المدنيون والمصريون.

قال ابن القاسم: أخبرني من أثق به عن عبد العزيز بن أبي سلمة في رجوع أحد الشاهدين بعد الحكم قال: يغرم نصف الحق؛ ولا يرد الحكم.

قال ابن القاسم: فسألت عنه مالكاً فقال: يمضي الحكم، ولم يتكلم فيما وراء ذلك.

وقال ابن القاسم وأشهب وابن وهب وابن عبد الحكم وعبد الملك وأصبغ: إنه يغرم نصف الحق.

قال ابن القاسم: ولا شيء عليهما حتى يقرا بتعمد الزور؛ ولو قال ذلك أحدهما،

<<  <  ج: ص:  >  >>