وقال الآخر: وهمت، أو شبه علي، أو كان قضاه الدين ونسيت، فهذا يغرم، ويغرم الآخر نصف الحق، وكذا قال عبد الملك وابن عبد الحكم وأصبغ وقال أشهب: يضمنان إذا رجعا، وإن لم يتعمدا، واعتذرا بسهو أو غلط.
قلت لابن عبد الحكم: لم لا يلزمهما ما أدخلاه فيه مما لم يكن عليه بجنايتهما، وإن كانت خطأ، فقال لي: ما أقر به، وانظر فيه.
قلت: قد تقدم جوابه.
قال محمد: ولا يمين على المقضي له برجوع أحدهما، ولو كان قبل قبضه حقه.
قال ابن رشد في سماع عيسى: وفي الديات أربعة أقوال:
الأول: الدية في مالهما إن تعمدا الزور أو شبه عليهما لابن القاسم في هذا السماع، وفي الواضحة ومُطرف وأصبغ فيها، وظاهر كتاب السرقة من المدونة.
الثاني: إن تعمدا كان عليهما القصاص، وإن شبه عليهما فالدية في أموالهما، قاله ابن نافع وأشهب، وروي عن علي ابن أبي طالب - رضي الله عنه -.
الثالث: إن تعمدا فالدية في أموالهما، وإن شبه عليهما كانت على عواقلهما، قاله أصبغ في سماعه من الديات.
الرابع: إن تعمدا فالدية في أموالهما، وإن شبه عليهما كان هدراً، قاله ابن الماجشون والمغيرة وابن دينار، وابن حازم وغيرهم.
ففي العمد قولان: القصاص، والدية في أموالهما.
وفي التشبيه في كونها في المال أو على العاقلة، ثالثها: هدر.
عزا المازري القولين في تعمد الزور بالقصاص، وكون الدية في أموالهما لروايتين قال: والأولى: اختيار بعض حذاق البغداديين.
والثانية: أشهر عند أصحاب مالك، والناظر في القولين بغمض وعد هذه المسألة أبو المعالي على استئجار في العلوم الشرعية أصولاً وفروعاً من المعضلات.
قلت: الأظهر أنها غير معضلة لوضوح أمرها، فإن القتل إنما وقع بشهادتهما، وإكراههما القاضي على قتله، وصيرورته بشهادتهما كآلة قتل بهما.