للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المازري: لو قال الشهود لما رجعوا: لم نتعمد بشهادتنا الكاذبة قتله ظناً منا أن القتل لا يلزمه، وأن القاضي لا يقبل شهادتنا، فقد اضرب فيه العلماء، وربما لحق هذا بمسائل شبه العمد، وهو القتل الذي ليس بعمد محض، ولا خطأ محض.

قال: ولو أن القاضي علم بكذب الشهود فحكم بالجور وأراق هذا الدم، كان حكمه حكم الشهود إذا لم يباشر القتل بنفسه بل أمر به من تلزمه طاعته، ولو أن ولي الدم علم بكذب الشهود في شهادتهم، وبأن القاضي علم ذلك، فقتل قاتل وليه اقتص منه بلا خلاف عند المالكية والشافعية، وقول أبي حنيفة: لا يقتل كالشهود خيال فاسد، وتبع ابن شاس وابن الحاجب المازري فيما ذكره في علم القاضي بكذب الشهود، فقال ابن الحاجب: لو علم الحاكم بكذبهم، وحكم، ولم يباشر القتل فحكمه حكمهم.

فقال ابن عبد السلام: ظاهر كلامه أن الخلاف المتقدم بين ابن القاسم وأشهب جار هنا.

وقد قال في آخر الرجم من المدونة: إن أقر القاضي أنه رجم، وقطع الأيدي أو جلد تعمداً للجور أقيد منه، وهو ظاهر في أن القود يلزم القاضي، وإن لم يباشر، وعليه حمله بعض الشارحين، وما أظنه يختلف في ذلك.

قلت: ما في المدونة مثله في النوادر لرواية ابن القاسم ولان سحنون عنه فيما أقر به من تعمد جور إن قامت عليه بينة فليقتص منه.

قلت: وقد يفرق بين مسألة المازري، وبين مسألة كتاب الرجم، وما وافقهما مما ذكرناه بأن محمل مسألة كتاب الرجم أنه أقر بالعداء، والجور دن استناد منه لسبب ظاهر.

وفي مسألة المازري، وهو مستند في الظاهر لسبب، وهو البينة المذكورة، والاستناد إلى السبب الظاهر، وإن كان كاذباً له أثر وشبهة كقولها: إن لمن قذف، وهو يعلم من نفسه صدق قاذفه، فيما رماه به أن يحده خلافاً لابن عبد الحكم.

سحنون: إن رجعوا عن شهادتهم بشتم أو حد قذف أو زنا بكر، أو لطمة أو ضرب بسوط يوجب الأدب بعد القضاء في ذلك بالأدب، وأقروا بالزور؛ فإنما فيه عند

<<  <  ج: ص:  >  >>