وفي الطرر لابن عات عن ابن عبد الغفور: أن امرأة أوصت لقوم وأشهدت رجالًا ولم تكتب، وعاشت نحو الخمسين سنة، ثم مرضت فأوصت بثلثها كله لمسجد بعينه فماتت، قيل: وصيتها الأولى لا تجوز ّا لم تكتب بها كتابًا، وقيل: جائزة ويتحاصان، فقيل: لي في النوم كل وصية لم تكتب جائزة كما تجوز الأخرى.
وفيما قال مالك: وإن كتبها بغير محضر البينة، ولا قرأها عليهم فدفعها إليهم وأشهدهم على ما فيه، فإن عرفوا لكتاب لعينه وأشهدوا بما فيه.
قال عنه ابن وهب: ولو طبع عليها ودفعها إليهم، وأشهدوا أن ما فيها منه، وأمرهم أن لا يفضوا خاتمه حتى يموت؛ جاز أن يشهدوا بما فيها بعد موته.
عياض: ظاهره أنه إنما يجيزها في رواية ابن وهب إذا طبع عليها، ويكون معنى الأخرى أنه دفعها إليهم للإشهاد وأمسكها عنده، فيجوز في رواية ابن القاسم إذا عرفها، ولا تجوز في رواية ابن وهب حتى تكون عندهم مطبوعة، كأنه خشي الزيادة والتغيير فيها.
وسمع أشهب: من أتاه أخ له بكتاب وصية طبع عليها، فقال: اكتب شهادتك بأسفله على إقراري، أنه كتابي ولا يعلم الشاهد ما فيها، فكتب شهادته في أسفلها عن إقراره أنها وصيته أيشهد بها؟ قال: إن لم يشك في خاتمه فليشهد، وإن شك فلا يشهد إذا كانت الوصية ليست عنده.
قلت كيف لا يشك في الخاتم إذا غاب عنه، قال: لا أدري إن شك؛ لم يشهد، وإن تيقن أنه لم يفض؛ شهد، وكان من أمر الناس القديم إجازة الخاتم.
كان القاضي يكتب للرجل بالكتاب إلى القاضي، فما يزيد على خاتمه فجاز له، حتى حدث عند الناس الاتهام على خاتم القاضي، وأول من أحدثه أمير المؤمنين وأهل بيته.
ابن رشد: ما ذكره من التيقن، ما لا سبيل إلى الشاهد إلى تيقنه إذا لم تكن الوصية عنده، فعلى قوله: لا يجوز أن يشهدوا فيها، إلا أن تكون الوصية عندهم على رواية ابن وهب في المدونة.