وإذا دفعها إليهم فدفعوها هم إلى أحدهم، أو إلى من وثقوا به غيرهم فكانت عنده؛ جاز لهم أن يشهدوا عليها، رواه عبد الرحمن بن دينار عن ابن الماجشون.
والذي يتوقع إذا أمسكها ولم يدفعها إليهم أن يكون طبع عليها وهي بيضاء ليكتب ما شاء، ولعل غيره من أهله فض خاتمه، وكتب فيها ما شاء، ثم طبع عليها بذلك الخاتم، فلو طبع الشهود عليها مع طابعه؛ جاز لهم أن يشهدوا عليها إذا عرفوا خواتمهم، قاله ابن الماجشون.
والذي مضى عليه العمل أنه: إذا طوى الكتاب من أوله إلى موضع الإشهاد على نفسه، فطبعه وقد أبقى الإشهاد على نفسه خارج الطبع، وكتب الشهود شهادتهم على ذلك وأمسك الموصي الوصية عند نفسه، فوجدت بعد موته خطًّا واحدًا، وعملًا واحدًا على صفة التقييد الذي كان خارج الطبع، ولبم يظهر في الكتاب ريبة، جاز أن يشهدوا عليه، بخلاف أن لم يبق من الكتاب خارج الطبع ما يستدل به على أن الوصية كانت مكتوبة ولم تكن مطبوعة على بياض.
ولو أراهم الوصية مكتوبة أو كتبها بمحضرهم فطبع عليها، وأشهدهم على نفسه بما فيها دون أن يقرأها عليهم، ولم يعلمهم بشيء مما فيها، فكتبوا شهادتهم فيها، جاز أن يشهدوا عليها بعد موته.
وإن لم يدفعها إليهم، وكانت عنده إلى أن توفي اتفاقًا إذا ذكروا الشهادة وعرفوا الكتاب على ما رواه ابن القاسم في الوصايا الأول من المدونة: وإن لم يذكروا الشهادة ولا عرفوا الكتاب، إلا أنه عرف خطه في شهادته، فيجرى ذلك على الخلاف في شهادة الشاهد على خطه إذا لم يذكر الشهادة.
وذكر البخاري عن الحسن وأبي قلابة أنهما كرها أن يشهد على وصيته حتى يعلم ما فيها، إذ لعل فيها جورًا.
وكذا يستحب للعالم إذا أشهده المتعاملان على أنفسهما في ذكر حق، ألا يكتب شهادته حتى يقرأه لئلا تكون المعاملة فاسدة، قوله: أول من أحدثه أمير المؤمنين؛ يريد: بني العباس.